متابعات/ الرائد نت
الاسلاميون داخل الجيش السودانى وجود عريق بدأ قبل وبعد المصالحة الوطنية وهو فاعل ومؤثر فيما يجرى الان سلبا او ايجابا وهو وجود متغلغل داخل المؤسسة العسكرية ولكنه يحتفظ بخصوصيته العسكرية ويؤثر ويتأثر بما حوله وهم بالطبع ليسوا كالاسلاميين خارج المؤسسة العسكرية بل لربما هنالك شئ من مشاعر الكراهية لرصفائهم من الاسلاميين المدنيين الذين يعتبرونهم قد خانوا قضيتهم التى استشهد من اجلها الشهداء ويحملونهم وزر تشويهها والانحراف بها عن مسارها الحقيقى ولكنهم ايضا يحملون مشاعر الحقد والكراهية للشيوعيين واليسار وعموم العلمانيين المرتبطين بالخارج والاسلاميون. داخل الجيش لم يتم تطهيرههم ولا اعتقد ان يكون امر التخلص منهم سهلا لوجودهم فى مفاصل المؤسسة العسكرية وفى مواقع مؤثرة ويفتقدون الى مقابل سياسى لهم فى الحياة المدنية.
الاسلاميون ممن تقاعدوا لم تنقطع صلتهم بالجيش من امثال العميد عثمان احمد حسن وكان هو الاب الشرعي للتنظيم داخل الجيش ولكن صراعه المباشر مع الترابى فى اول الانقلاب ومواجهته له حول ما اتفق عليه بان يأتى تنظيم الاسلاميين فى اطار تحول ديمقراطي بعد خمس سنوات ولكنهم استعجلوا السلطة وكانوا شرهين للحكم فتم لهم ما أرادوا وتحول العميد عثمان احمد حسن الى الحياة المدنية يعيش مثل عامة الناس .
يجب مراعاة الوجود القديم للاسلاميين فى الجيش ممن هم فى الخدمة او خارجها وهم اعداد لايستهان بها وامر واقع لايمكن تجاهله ولابد ان يوضع فى الحسبان التنظيم داخل الجيش ذو طبيعة معقدة وسرية حتي أن بعضهم في الوحدات لايعرف الاخر وقد تعرف بعضهم علي بعض بعد نجاح الانقلاب وأعتقد أنهم كانوا علي علاقة مع البعثيين لذلك كان الإسراع بتصفية ضباط رمضان لتغطية الحقائق التي كانت سوف تنكشف.فيما يشبه تحالف القوميين العرب مع الشيوعيين في مايو ثم انقلاب هاشم العطا وتجارب الإسلاميين والشيوعيين متشابهة لان أحدهما رد فعل للآخر.
الشهداء في العمليات العسكرية والتي كانت ذات طابع جهادي تغلغلوا بشكل أو بآخر داخل المؤسسة العسكرية ولم يعد الإخوان المسلمين في الجيش مجرد وجود تنظيمي ولكنهم روح ووعي أسهم فيه النميري بشكل مباشر بجعل شعارات الجيش إسلامية وعقيدته القتالية كذلك إلا أن الوطنية داخل الإخوان المسلمين في الجيش قوية و لاتقارن بضعف الروح الوطنية في التنظيم برمته.
قد تستطيع بعض الجهات و بما لديها من معلومات أن تعطي خارطة بتركز الإسلاميين داخل الجيش ولربما تسعى لتصفيتهم ولكن تغيب عنها حقيقة أن خروجهم من الخدمة لايعني ابتعادهم عن الجيش ولربما يوفر لهم قدر من حرية الحركة.
واستيعاب الحركات المسلحة لن يخفف من وجودهم ذو الطبيعة المعقدة فلديهم القدرة علي التشكل إلا أن يتم القضاء علي فكرتهم اصلا واقتلاع قضيتهم من دواخلهم وهذا ليس بالأمر الهين خاصة وأن فيهم من قدموا أرواحهم فداء للفكرة مما يعني أن آخرون منهم في الخدمة أو خارجها علي استعداد لتقديم ذات التضحية. لذلك لابد من التعامل مع الأمر بواقعية ووعدم القفز فوق الحقائق الموضوعية خاصة وأن وسائل التواصل الاجتماعي ضمن مجموعات من الدفعات المختلفة هي أشبه ماتكون في حالة اجتماع دائم وتبادل مستمر للمعلومات.ومن رموز الاخوان المسلمبن القوية والراسخة كالطود الاشم اللواء صديق فضل كقائد اسطوري لسلاح المدرعات. ويكاد ان يكون ذلك الاسد الذي كان يربض في سلاح المدرعات اسطورة في الجيش السوداني. ليس فقط لكفاءته القتالية ولكن لقدرته في ان يكون رمزا لاكثر من معني وهو الذي كان بمقدوره ومنذ الوهلة الاولي ان يكون في مجلس قيادة الثورة ولكنه زهد في ذلك وترك المنصب للعقيد ابراهيم شمس الدين. ولم تمتد عيناه لحظة الي بريق السلطة الزائف او المال. ولكنه اكتفي ان يكون بين جنده في سلاح المدرعات ياكل مما ياكلون ويشرب مما يشربون. قوي كقوة اهله في الشما.ل راسخ مثل جبل البركل متين وراكز مثل جبل ابنعوف. لم تهزه الرياح الهوج ولم تعصف به الاعاصير. يعرفه سلاح المدرعات جيدا ويدرك أصالة معدنه.
في بداية الانقاذ حينما حاول احد قيادات الصف الاول ان ينتقص من قدر الفائد صديق فضل قائلا(انتو الثورة دي قايلين نفسكم عملتوها براكم) ويبدو انه كان محرض من اعلى المستويات في الحركة الاسلامية. كان الرد ان جئ به وبصاحبة علي ظهرسيارتين احداهن عربة المجروس في الجيش عليها جنود من سلاح المدرعات واخري عربة البوكس وفيها رجال من الاستخبارات العسكرية وهنالك كان اهانة(المدنية) التي لم تكن تفهم طبع الجيش. وللجيش في ذلك فنون ولقي الرجلين ما لقيا من زحف علي الارض وغسل لها وللدبابات وركض وجزاءات وقيامات. واستمر ذلك حتي وقت متأخر من الليل والحكومة كلها مقلوبة راس علي عقب. ولا احد يجرؤ علي الاقتراب من عرين الاسد صديق فضل في سلاح المدرعات حتي رئيس الجمهورية عمر البشير والذي ظل.يرغي ويزبد ولكنه لايستطيع ان يفعل شئ. فالذي في قبضة الاسد من أصدقائه وعلي قمة الجهاز السياسي والتنظيمي في ولاية الخرطوم. واخيرا اوكل الامر الي العقيد بكري حسن صالح الذي استطاع الوصول الي سلاح المدرعات واخراج الرجلين من بين براثن الاسد. وقد لقيني اللواء صديق فضل من بعد وقال لي (ياعمار قالوا الراجل داك نسيبك) فقلت له نعم فرد علي قائلا (والله لوكت عارف٠انو نسيبك كان دبلت ليهو)
اما الموقف الاخر للقائد صديق فضل اقوي رموز الاخوان المسلمين في الجيش فكان حينما ارخي الليل سدوله وكانت الليلة ليلاء عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل وقد توقفت عربة امام باب منزل القائد اللواء صديق فضل وترجل منها رجل وطرق الباب وخرج اليه الاسد الهصور وكان الوقت وطلب منه الرجل ان يصطحبه لمقابلة رئيس الجمهورية فقال الليث.. رئيس الجمهورية يريدني في مثل هذا الوقت… وقبل ان يذهب اليه كان كل شئ قد اتخذ اعلي درجات التأهب والاستعداد القصوي في سلاح المدرعات وخارجه وتحركت محركات المدرعات. وكان لقاء المواجهة بينه وبين الرئيس الذي واجهه بانه يريد الانقلاب عليه لم ينكر القائد صديق فضل ذلك وللقصة بقية.
بدأت علاقتي بالمدرعات كانت منذ العام1987والمقدم عزت ابراهيم يقود قوة المدرعات وعلي جانبيها قوات المشاة ومن خلفها المدفعية ومن امامها مجموعة الاستطلاع والمقدم عزت ابراهيم يوجه بان تتوجه فوهة المدرعة وتطلق قذائفها لتسكت المدفع زو في معركة الكرمك ١٩٨٨
منذ وقت ليس بالقصير لم اقابل الهزبر اللواء صديق فضل وكان اخر رؤيتي له اثناء خروجي من احدي الاجتماعات لمنطقة مروي ومن احدي السيارات المتواضعة وكانت الاضاءة خافتة نادي علي شخص لم اتبينه ثم قال لي(ياعمار ما عرفتني) فامعنت النظر فاذا بي بوجه صديق فضل يطل من نافذة السيارة فقلت من اعماقي (كيف ما اعرفك ياصديق.. انت اسد) لم يرد علي ولم يواصل السلام فقد ادرك معاني نبرات صوتي واحسها وحرك عربته بقوة الي الخلف ثم مضي.
الاخوان المسلمون في الجيش في داخله ومن حوله وعن يمينه وعن يساره ومنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. وهم اصحاب قضية وفكرة ومبدا.
ارجو ان اضع الحقائق كاملة حسبما يتوفر لي من معلومات وما لدي من خلفيات سابقة تجعل الرؤيا عندي واضحة فان ماحدث هو تنفيذ للثورة التصحيحة التي كان يعتزم العقيد ابراهيم شمس الدين تنفيذها من بعد عودته من الحج ولكن حادثة طائرة عدارييل أجلت تنفيذها ولكن ظل لابراهيم شمس الدين وجود داخل الجيش خاصة وانه من سلاح المدرعات وظلت مجموعة ابراهيم شمس الدين داخل الجيش وجود له دلالات معينة ترتبط بذكريات ومواقف ورؤي تكونت في جبهات القتال ومناطق العمليات وليس بالضرورة ان كل الذين لهم ارتباط بابراهيم شمس الدين لهم ارتباط بالاسلاميين ولربما يكون ابراهيم نفسه مشكوك في انتمائه للاسلاميين ولكن مشاركة شباب الاسلاميين في العمليات لربما وطدت العلاقة بينهم كأشخاص وليسوا كمنظمين وجمعت هذه الروح الكثيرين وخلقت واقعا أخر لاينتمي مباشرة للحركة الاسلامية وان كان فيه الكثير من شبابها الذين عبروا عن انفسهم من خلال صفحة سائحون في الفيس بوك والتي اتخذت شكل المعارضة للنظام وهم ايضا لاينتمون الي المعارضة التقليدية بيمينها ويسارها ومجموعة ابراهيم شمس الدين هذه والتي تتكون من ضباط نافذين في الجيش السوداني حاولت الانقلاب علي عمر البشير اكثر من مرة وهنا يبدو قائد المدرعات صديق فضل كشخصية ملهمة ومؤثرة ولربما باكثر من ابراهيم شمس الدين نفسه ولاندخل انقلاب ودابراهيم في ذلك مباشرة ولكن لربما مؤثر ومتأثر ولعلمي بالعلاقة المتميزة لابراهيم شمس الدين بضباط كبار الان في المجلس العسكرى الانتقالي فاني لا اكاد اجزم ان علاقتهم الشخصية بابراهبم شمس الدين كانت المحرض الاول فيما أقدموا عليه خاصة وان البشير لم يبدي أسفا ولاتأثرا في فقد ابراهيم شمس الدين ولاحتي الزبير محمد صالح من قبله.
في كل يوم تتكشف لي اشياء جديدة تجعلني مقتنعا تماما ان ماحدث ليس، هو انقلاب قصر تماما ولكنه من داخل منظومة النظام بشكل او بأخر وكلما طال بالناس المكث تكشفت لهم المزيد من الحقائق والا فما الداعي لاثارة موضوع مصادر التشريع والدفع بقضية الشريعة الاسلامية في مقدمة الخلاف مابين قوي الحرية والتغيير والمجلس العسكرى الانتقالي الا ان يكون في ذلك رسالة مبطنة وذات دلالات معينة وانني حينما القي القول علي عواهنه فذلك ظنا مني انني بذلك استقصي الحقائق من ردود الافعال وماالبث الاقليلا ثم امحوها من بعد ان تكون قد ادت الغرض المرجو منها
حينما كتبت ان المجلس العسكرى لن يسمح بقيام دولة علمانية التزاما للعهد مع الشهداء قصدت ان استجلي البعد الحقيقى لهذا المعني وسبرت غوره فوجدته عميقا ومتجذرا عند المجلس العسكرى حتي اولئك الذين ليس لهم التزام ديني ولكن الروح التي خلقتها ظروف العمليات في وقت هم للموت اقرب منه للحياة وقد فارقوا رفقاء لهم وسمعوا كلماتهم الاخيرة وواروهم بايديهم الثري كل ذلك خلق احساس مشترك ومتجذر وعميق وان كان ابراهيم شمس الدين بكل مسيرة حياته بما لها وماعليها قد لقي الله محترقا في حادثة طائرة عدارييل هو جزء من هذه المشاعر والذكريات الا ان خلفيه الذين استلموا هذا الملف من بعد لم يكونا بذات المستوي وان كانوا قد استلهموا روحه من بعده فان ذلك قد لايبدو في ظروف المخاطر المحدقة دائما.
كانت اتفاقية نيفاشا هي قاصمة الظهر مابين الطريق الثالث وهم السائحون ومقابلهم العسكرى ونظام الانقاذ فانني اعتقد ان ماحدث الان هو نتاج لاستشعار الخطر والتهديد لقضيتهم الوطنية وهم يحاربون في احراش الجنوب من اجل وحدة السودان لذلك كانوا يتحينون الفرصة المناسبة للانقضاض علي السلطة وقد ادركوا عمق التأمر الدولي والاقليمي لذلك لم يتوانوا مطلقا في القضاء علي التأمر الذي اراد ان يجعل الفريق عوض ابنعوف مطية له.
ان الذي لا يدركونه أن ابراهيم شمس الدين ما زالت روحه تحلق في المكان تلتقي وتجتمع .وتجوس خلال الديار وكان وعدا مفعولا. فهو قد نذر نفسه لله أن أصاب فله اجران وان أخطأ فله اجر . وذلك لصدقه وإخلاصه أخطأ ام اصاب فمثله يفني في حب الذات الإلهية ويتجرد من كل متاع من الدنيا زائل .لم يقم عمارة شاهقة البنيان في كافوري. ولم يهادن الكفر والطغيان. ولم يغتني أحد من أهله فكان مثل صوفي مجاهد لايضع عصا الترحال في سبيل الله عن كاهله لايخاف الموت ولم يساوم في قضيته ولم ينحني لغير الله حتي لقي ربه شهيدا. وقد تطهر باذن الله من ذنوبه حين احترقت بهم الطائرة في عدارييل.
لم تجد الخيانة الي قلب ابراهيم شمس الدين سبيلا. ولم تراوده نفسه أن يغدر بأحد. ولكنه كان إذا قال فعل .واذا اؤتمن ادي أمانته .عاش مع الصادقين من المجاهدين لم تمتد يده الي مال حرام .ولكنه عاش في كنف الله زاهدا متواضعا. يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يقتل .وان في الأمر لحكمة يعلمها الله . فهو لم يزل باقيا في قلوب مؤمنة بالله قابضة علي جمر القضية لن تترك الارض للشيطان والمجرمين ولكنها ستظل علي العهد دائما متوضئة بوضوء الروح ومصلية في محراب الجمال والجلال لاتخشي الا الله ولا تسعي إلا الي رضاه .خاشعة ابصارهم .قوية إرادتهم عامرة بالإيمان قلوبهم.
فإن يك ابراهيم شمس الدين قد غاب عن الانظار بمنظور مادي. فإنه لم يزل حيا باقيا يدير الأمور بمفهوم روحي وغيبي. فمن ظنه قد غادر وانتهي فإنه واهم جهول. فابراهيم لم يزل بين الضلوع وبين طيات القلوب وكأنه ملك سماوي يهبط علي من يعرفهم ويعرفونه ويدركهم ويدركونه إلا أنه حاضرا شهيد.
وأخوانه من الضباط في سلاح المدرعات والاسلحة والأسلحة غدا يحبهم ويحبونه وينتظرونه مجيئه متجسدا في مبادئه وقضيته.. حين يحين الامل …ويخزي دعاة الهوي والفشل وأن الأمر قد أبرم فمابين فرث المؤتمر الوطني ودم قوي الحرية والتغيير لبنا خالصا سائغا الشاربين يوم تبدل الأوضاع زمرا الي الجنة زمرا…وتحل روح ابراهيم شمس الدين بكل القها وصفائها ونقائها وعنفوانها .وقوتها المستمدة من قوة الله القوي الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار.
ان السودان بلد محفوظ بحفظ الله ورعايته وببركة الصالحين من اوليائه وكل التدابير والمخططات ستهزم لان لابراهيم شمس الدين بحول الله اخوان علي الدرب يعرفون أن الأمور تسير بقدر وان الأقدار تجري وفق حكمة إلهية وهذا هو السودان الذي سوف يعود موحدا شماله وجنوبه وسيبقي تظلله سحائب الرحمة والبركات.
