زهير السراج يكتب.. دموع مناوي !

0


متابعات/ شبكة الرائد الإخبارية

عاد مناوي الى الخرطوم بأسرع مما تخيل أي شخص، وشرع فور عودته في البكاء وتوجيه الاتهامات الى قادة وأحزاب وشخصيات في الخرطوم لم يسمها بالاستيلاء على سيارات بعثة الامم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة الى دارفور والمعروفة باسم (اليوناميد) والتي انتهت أعمالها في ديسمبر الماضي، وأكملت خروجها من دارفور بشكل نهائي في شهر يونيو الماضي .

قـال مناوي في تنوير اعلامى بقاعة الصداقة أول أمس، انه لاحظ آلاف السيارات التي استغنت عنها البعثة وتركتها في دارفور تتجول في الخرطوم، وقطع بأن تسعين في المائة (90 % ) من قادة الأحزاب والقادة يقودون هذه السيارات بدون ان يسمى أحداً، ذاكراً أن اليوناميد كان لديها ستة عشر ألف عربة!

وانتقد عدم وجود سيارات للمؤسسات الرئيسية في دارفور، كاشفاً عن صراع يدور حالياً مع شركات في الخرطوم وصفها بالــ (غول)، على السيارات المتبقية لليوناميد وتوزيعها على مناطق الحوجة في دارفور.

وأبدى دهشته واستغرابه من أن (بوليس الحركة) في دارفور ليس لهم سيارات بينما تتجول سيارات اليوناميد في الخرطوم، متهماً المسؤولين في البلاد بأنهم غير قادرين على تحديد الأولويات، أو ان ” كلنا فـي هــذه البلد فاسدين” ــ على حد تعبيره !

ورسم صورة قاتمة للأوضاع الصحة بدارفور، ووصفها بأنها “تعبانة”، قائلاً إن عدد المستشفيات لا يتناسب مع عدد السكان، ولا يوجد بها سيارات إسعاف، وأن عدد السيارات الإدارية في مستشفى الفاشر الرئيسية (ثلاثة) فقط، بالإضافة الى (سيارتين) لمستشفى الفاشر جنوب، و(سيارة واحدة) لمستشفى الاطفال، وذكــر أن معظم غرف العمليات مغلقة لعدم وجود مكيفات وعدم توصيلها بخطوط ساخنة للكهرباء، مضيفاً أن الكهرباء يمكن أن تقطع خلال العمليات، ويخرج الطبيب ويقول للناس “الفاتحة” ــ حسب تعبيره !

وقال بأن البنية التحتية بدارفور لم تتم صيانتها منذ الستينيات من القرن الماضي، وإن الأوضاع في دارفور تحتاج إلى تكامل اربعة أدوار أولها دور الإدارة الأهلية التي لا بد من تفعيلها وحل مشكلاتها المتمثلة في قلة الإمكانيات وغياب الدعم السياسي والتدريب، وكذلك إجازة قانون الإدارة الأهلية، وثانياً المصالحات التي تحتاج لدعم مركزي وشعبي في كل الولايات، وثالثاً العدالة الانتقالية، ورابعاً تكوين القوة المشتركة لحماية المدنيين والتي تأخر تشكيلها مما قاد إلى عمليات سلب ونهب وتفلتات واقتتال مستمر في بعض الأماكن، وأشار إلى أن ۸۰ ٪ من هذه القضايا مرتبطة بالخرطوم، وتحتاج لقرار سياسي للتحرك ودعم مالي، خاصة تكوين القوة المشتركة.

وأضـاف، بأنهم اقترحوا تكوين قوة مشتركة بدءاً من ولاية شمال دارفور، مؤكداً أن القوة حالياً جاهزة في الميدان، وأنهم ينتظرون قـرار الخرطوم، مشيراً الى تكوينهم قوة لضبط حركة الفاشر تتكون من ۳۰۰ فرد من الجيش والأمن والدعم السريع وقوات حركات الكفاح، وبدأت عملها داخل المدينة، مما اعتبره حافزاً وتشجيعاً لبقية المحليات في ولاية شمال دارفور.

كان ذلك ما قاله مناوي أول أمس، وكأنه كان يعتقد عندما سعى بكل ما أوتي من جهد وعلاقات ليصبح حاكماً للإقليم، أنه سيذهب ويجده جنة الله في الأرض كل شيء فيه جميل، وليس مثل كل مناطق السودان، يشكو من الجدب وقلة النار والفئران، رغم أنه احد أبناء الإقليم، وقائد حركة مسلحة كانت تقاتل من أجله، بل كان حاكماً له من قبل ومساعداً لرئيس جمهورية النظام البائد ويعرف كل كبيرة وصغيرة فيه، فلماذا اندهش من الصورة التي وجد عليها الإقليم وأتى مهرولاً الى الخرطوم شاكياً وباكياً وطالباً الفرج بينما تبحث الخرطوم نفسها، بل السودان كله عن الفرج ولا يجده ؟!

ألم يكن من الأجدى له الصمود هناك والنحت في الصخر إذا كان جاداً في خدمة مواطني الاقليم وتغيير الاوضاع فيه شيئا فشيئا، بدلاً عن الهجرة السريعة الى الخرطوم وذرف الدموع على المنصات الاعلامية، وهو يعلم أنها لن تجدي ولن تأتي بنتيجة، ليس لأن دارفور لا تستحق العون والمساعدة، ولكن لأن حال السودان كله من حال دارفور، بل أن حال دارفور أفضل من حال الكثير من مناطق السودان الأخرى التي تفتقد الى ما يوجد في دارفور، وكان من الممكن جدا لمناوي أن يسأل ويستعين بصديقه وحليفه الرجل الثاني في الدولة الذى يضع يده على الكثير من الكنوز ليدله أو يتفضل عليه ببعض ما عنده، بدلاً من إراقة وجهه في الخرطوم بلا نتيجة!

أما السيارات التي تحدث عنها، فإنها لو كانت حقيقة، وهي غير ذلك ، فعليه أن يكون شجاعاً ويسأل عنها رفاقه في الحركات المسلحة لدارفور التي سيطرت على غنائم اليوناميد بعد خروجها، بدون ان يعمم الاتهامات على أحزاب الخرطوم، رغم أنها لا تقل سوءاً وجشعاً وفسادا عن غيرها !

لا تبكي يا مناوي، بل أصبر و أصمد، فالوظيفة العامة ليست تشريفاً وبهرجة وقصورا وسيارات فاخرة، وانما تكليف ومشقة وعذاب، وأمانة عرضها الله على السموات والجبال، فأبين أن يحملنها وحملها الأنسان، إنه كان ظلوماً جهولاً..!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.