أنا الموقع أعلاه / إبراهيم العرضي يكتب : مقتل الزاكي طمل.

0

الخرطوم الرائد نت

التاريخ السياسي السوداني يأكد أن يكون نسخة واحدة مكررة منذ سقوط الحكومة الوطنية الأولى حكومة الدولة المهدية قبل أكثر من مائة وعشرين سنة حتى سقوط حكومة الإنقاذ والسقوط المحتوم لحكومة قحة.
وتشابه المصير المشترك في السقوط لكل الحكومات السودانية بالضرورة يشير إلى أسباب مشتركة أدت لسقوط تلك الحكومات.

وفي هذه المساحة المحدودة سنأخذ مثاليين فقط للنظر في أسباب السقوط المشتركة وهما حكومتي الدولة المهدية وحكومة الإنقاذ ولعل أسباب سقوطهما تشمل جميع الحكومات الأخرى وأدت إلى سقوطها كذلك.

الزاكي طول أحد أبرز قادة الثورة المهدية كثير سمعوا عنه لكن قلة من الناس هي من تعرف كيف قتل.

الزاكي طول تربى على الفروسية وحب الدين والجهاد في بادية الرزيقات والتحق بالثورة المهدية مجاهدا في سبيل الله حتى أصبح من أبرز القادة في تلك الدولة الوطنية التي أعقبت الاستعمار

أصبح الزاكي طول قائدا للقيادة الشرقية في عهد الخليفة عبد الله التعايشي وبرزت هناك كثير من مواهبه القيادية والقتالية واستطاع قطع دابر الأحباش الذين سعوا جاهدين إلى ضم الشفقة إلى دولتهم (المطامع الأثيوبية في الشفقة منذ ذلك الزمن) وجرد الأحباش حملة عسكرية ضخمة بقيادة الملك منليك نفسه مما يعني أن الشفقة تمثل أهمية قصوى لهم.

دارت معركة شرسة نصر الله فيها المجاهدون واستطاع القائد الزاكي طول قتل ملك الأحباش منليك نفسه وهزم جيش الأعداء وتم تثبيت أراضي الشفقة للدولة السودانية.
لو كان الزاكي طول يقود جيشا لإحدى الدول الغربية لتم تخليده عبر التاريخ ليس لكل تاريخه المشرف ولكن لا نجازه الأخير وحده حيث تمكن من قتل ملك الأعداء وهزيمة جيشهم إلا أن هذا النصر الكبير كان وبالا على الزاكي طول وأوغر صدور من بهم مرض من حاشية الخليفة فوسوسوا له بأن للزاكي مطامع في السيطرة على الحكم وان مكانته ازدادت في أوساط الجند وعامة الناس وأنه يعد العدة للزحف إلى أم درمان للاستيلاء على السلطة.

لم يصدق الخليفة هذا الأمر في البداية لكنه استجاب بعد ذلك لطلب الواشين في استدعاء الزاكي طول إلى أم درمان والتحقيق معه.
حضر الزاكي وحقق معه الخليفة بنفسه لكنه لم يستطع أن يتأكد من خيانة الزاكي له لكنه أيضا لم يطمئن فمازال إثر الوشاية في نفسه فأمر الخليفة بوضع الزاكي في سجن الساير (سجن الدولة المهدية المركزي) حتى يتحقق من جلية الأمر
وتقول الروايات التاريخية أن الخليفة أمر بإرسال الطعام إلى الزاكي من بيت الخليفة حتى لا يدع هذا القائد الكبير لطعام السجن.
هنا وجد أصحاب النفوس المريضة بحب السلطة وزينة الدنيا وزخرفها وجدوا ضالتهم في أن أصبح الزاكي تحت أيديهم ومنعوا عنه الطعام والشراب لمدة أربعة عشر يوما وهي المدة التي استطاع جسد ذلك البطل احتمالها وبعدها فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها.
قتل هذا البطل بأبشع طريقة يمكن أن يقتل بها أي إنسان ناهيك عن بطل في قامة الزاكي طول وظن الواشون بعد مقتل الزاكي أن سيخلو لهم وجه الخليفة واستمروا في تدمير أعظم قادة الدولة المهدية بالإيعاز للخليفة بأنهم أعداؤه وكان أغلب هؤلاء الواشون عملاء للمخابرات البريطانية
واستطاعوا بعد ذلك التخلص من القائد الكبير عبد الرحمن النجومي وادخلوا الخليفة كذلك في خلافات كبيرة مع أسرة المهدي والبعض أراد جر الخليفة إلى فتنة كبرى مع أهل الشمالية حتى تتفتت الوحدة القومية التي صنعتها الثورة المهدية وقد نجحوا في خططهم وضعفت الدولة المهدية واستطاع كتشنر السيطرة عليها بسهولة ويسر.

وفي حكومة الإنقاذ والتي كانت آخر الحكومات سقوطا تكررت ذات الأحداث التي تسببت في انهيار الدولة المهدية إذ بدأ الشقاق يدب بين الإسلاميين الذين صنعوا الإنقاذ ودعموها بكل قوة وحدث هذا بسبب الواشين والعملاء الذين أحاطوا بالرئيس البشير وبدءوا يشيرون عليه بالتخلص من الأقوياء من مدنيين وعسكريين ووصل الأمر إلى سيطرة العملاء على السلطة تماما من خلال إحاطتهم بالبشير مثل مدير مكتبه طه الحسين وغيرهم من العملاء فانهارت الإنقاذ بعدما تخلصت بيدها من أقوياءها

مما سبق يتضح أن هناك سببان رئيسيان لانهيار الحكومات السودانية أولهما الزمرة الفاسدة التي تحيط بالحكام وأغلب هؤلاء من الساقطين ومعدومي الضمير الذين لا يهمهم وطن أو شعب فيبيعون كل شيء لمن يشتريهم ويدفع لهم
وثاني هذه الأسباب هو تخلص الأنظمة الحاكمة من الأقوياء بحجة الحفاظ على نظام الحكم فتضعف الدولة وينهار نظام الحكم وتسقط الحكومات

ومازالت هذه الأسباب التي تؤدي إلى انهيار الأنظمة الحاكمة مستمر حتى اليوم فحكومة قحة تخلصت من الأقوياء في الخدمة المدنية والعسكرية حتى عجزت عن توفير أي شيء من ضروريات الحياة لمواطنيها وتتجه حكومة العملاء هذه إلى توجيه الضربة القاضية للاقتصاد السوداني من خلال لجنة تستظل بمظلة الماسونية العالمية التي تتحكم في السودان بكامله وفي هذه المرة لا يخشى سقوط الحكم ولكن يخشى أن تسقط الدولة السودانية بأكملها
لا تأكلوا أسودكم فتأكلكم كلاب أعدائكم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.