زاهر بخيت الفكي يكتب.. لقد قالوا وما فعلوا..!!

0

متابعات /شبكة الرائد الإخبارية

بحلولِ يوم السابع عشر من أغسطس الجاري دخلت الوثيقة الدستورية عامها الثالث، الوثيقة التي ذُرِفت لأجلها الدموع وبحّت الأصوات من هُتافات الفرح بها، ونام المواطن السوداني يوم توقيعها نوماً عميقاً تخلّلته الأحلام بغدٍ آتٍ لا يشبه بأي حالٍ من الأحوال يومِهِ هذا، وقّعوا عليها بعد مخاضٍ عسير ومفاوضاتٍ مُتعثّرة، وبعد كثيرٍ من الشدِ والجذب بين العسكر والمدنيين، وما إن وقعا عليها بصورتِها النهائية حتى تمددت مساحات الأمل في نفوسنا من جديد وحلمنا بأنّ القادِم بلا شك أحلى ما دُمنا قد اجتمعنا عليها.

اتفقنا ضمنياً وقد دفعنا الفرح بنجاح ثورتنا على الوقوف مع الحكومة القادمة والتجاوز عمّن اجتهد واخطأ إلى أن تقف على رجليها، وها نحن قد ولجنا بوثيقتنا الدستورية للعام الثالث وحال الناس يُغني عن السؤال، وحكومتنا لم تستطيع أن تحبو جيداً دعك من الوقوف على رجليها، بعضنا ما زال يبحث عن مُبرراتٍ لفشلها، والأمل يُراوده بأنّ الأوضاع ستكون بخير بالرغم من الخلافات المُتصاعدة بين المُكون العسكري والمُكون المدني من جهة، وبين كيانات المُكون المدني مع بعضها البعض من جهةٍ أخرى، بعد أن تشظّت الحاضنة السياسية وتفككت مُكوناتها، والبعض الآخر يتفق مع نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول حميدتي في قوله بأننا استبدلنا تمكيناً بتمكينٍ آخر.

حدثونا أيام المفاوضات بأنّهم لن يقترِبوا من الوظائف التنفيذية في الحكومة الانتقالية وسيتركونها فقط للكفاءات، ولديهم بعد التوقيع على الوثيقة ما يشغلهم عن العمل التنفيذي كما زعموا، وأنّ بناء قواعد أحزابهم وكياناتهم للدخول بها إلى حكومة ما بعد الانتخابات أهمّ من المُشاركة، ولم يستطيعوا على ما قالوا صبرا، رأيناهم يتنافسون على المقاعد ويتسابقون على مطبخ الانتقالية لينالوا شيئاً من الكيكة الطازجة، ولسان حالهم يقول وظيفة صغيرة في حكومة انتقالية مضمونة أفضل بكثير من أخرى كبيرة في حكومة غائبة مُجهجهة، عملاً بالمثل الشعبي القائل جرادة في كفة ولا ألف طائر.

قال بعض قادة الحُرية والتغيير بأنّ الوثيقة الدستورية مليئة بالثقوب والعيوب، وبالألغام التي ستنفجر يوماً ما، وحالة الاضطراب التي نعيشها اليوم دليلٌ على ما شاب الوثيقة من عيوب، ولا بُد من مُراجعة الوثيقة، ومراجعة الحاضنة السياسية (المُتشظية) والتي ينسب لها فشل الحكومة في القيام بدورها.

الناظر لحال الحكومة الانتقالية جيداً يلحظ بوضوح حالة عدم التناغُم بين مكوناتها، ويلحظ كذلك غياب الحُكماء من أؤلئك الذين يجيدون رتق ما تهتك من نسيج الدولة بسرعة واعادة من أخطأ منهم إلى صوابه، ودفعهم جميعاً للعمل بمؤسسية مُشرعة الأبواب لمن لديه القدرة على الابداع والعمل الجاد المُثمِر، ومغلقة الأبواب أمام الحمقى أشباه طائر البوم وعُشاق الخراب الذين نراهم يُسرعون الخُطى لاطفاء أي ضوء يلوح في نفقنا المُظلم حتى لا نهتدي به للخروج.

والله المستعان.

اترك رد