زاهر بخيت الفكي يكتب.. إنّهم لن يخذلونك يا مناوي..!!
متابعات /شبكة الرائد الإخبارية
يقيني بأنّ يوم العاشر من أغسطس الحالي لن يكون يوماً عادياً لأهل الفاشر، ولن يتجاوز إنسان دارفور الكُبرى هذا التاريخ، باعتباره بداية النهاية لحرب لم تترُك في دارفورِ شيئاً لم تلتهِمُهُ نيرانها، حرب عبثية استمرّت لسنواتٍ طويلة، تغيّرت بسببها الأشياء، وتبدّلت الأمكنة، وزالت من خارطتها العديد من القُرى الآمنة، واستبدلتها الحرب بمُعسكراتٍ جماعية كئيبة بالكاد توفِّر للإنسان ما يُبقيه على ظهر الحياة، وتنأى به عن رصاصِ الحمقى الأغبياء الذين استبدلوا حياته المُطمئنة المُستقرة إلى جحيمٍ لا يُطاق.
بتدشين حكومة إقليم دارفور في هذا التاريخ، تتحقّق إحدى أهم المطلوبات التي رفعت الحركات لأجلها السلاح، واندلعت بسببها الحرب، ويُعتبر السيد مني أركوي الذي اختارته الحكومة الانتقالية ليكون حاكماً على دارفور الكُبرى أحد الذين رفعوا السلاح في وجه النظام السابق للمُطالبة بتنمية وتعمير دارفور وتحقيق الاستقرار فيها، وتُعد المجموعة التي يتزعمّها من أكبر المجموعات التي تمرّدت على نظام البشير، وفي يده أصبح اليوم قلم السُلطة على كامِل دارفور، واستلم مفاتح الحل والربط فيها بلا نزاع من المركز.
يا تُرى ماذا سيفعل بها..؟
اتفق الناس أو اختلفوا حول مني أركوي يظل هو إبن من أبناء دارفور الذين قاتلوا بضراوة لأجلها، وقد آلت إليه مقاليد الحُكم فيها وأصبح بفضل اتفاقية جوبا الحاكم الفعلي لدارفور اليوم فهل يا تُرى سيفلح في تحقيق بقية المطلوبات الأخرى، وهل في مقدوره جمع الصف الدارفوري في صعيدٍ واحد للنهوض بها..؟، بالطبع لن يتأتى هذا بالكلام، ولن يتحقق باجترار ذكريات الماضي الأليم، إنّما بالعزيمة والاصرار وابتلاع مرارات الماضي لبلوغ الغد.
لقد أوصلتك البُندقية إلى حُكم دارفور يا مني، وبلا شك لن تذهب معك بُندقيتك إلى أبعد من هذا الحد إن أردت الاصلاح حقا، لقد كَرِه الناس في دارفور الحرب وتطلّعوا إلى سلامٍ لن يبخلوا عليه بالغالي عندهم والنفيس، فاستنهض فيهم الهمم، وانشُر فيهم ثقافة السلام والتنمية، وتقدمهم باخلاص في بناء دارفور فلن يتقاعسوا عنك، ومن دفعوا فاتورة الحرب الغالية لن تُعجزهم فواتير السلام مهما ارتفعت، ومن أفرغ في جوفه شيئاً من علقم الحرب، فلن يأبى أن يشرب معك من ماء التعمير العكِر المُر اليوم، في سبيل أن يهنأ غداً بماء السلام الصافي.
اخلع جُلباب القبيلة وزي الحركات المُسلحة، وتدثّر بالثوب الدارفوري الذي سيدخُل معك فيه جميع الناس في دارفور بمختلف قبائلهم واثنياتهم ومناطقهم، إنهم لن يخذلونك إن وجدوا فيك صفات القائد الذي يبحثون عنه، من يستطيع أن يوفِّر لهم مُعينات البناء والتعمير، ويخفي عنهم معاول الهدم والتدمير، وقد جاءتك الفُرصة تسعى إليك واهلك في انتظارك للعمل معهم في اصلاح ما أفسدته الحرب، وفي ترميم ما صدعته البندقية، وإلّا فالعودة إلى مُربعات الحرب الكارثية واردة.
وكان الله في عونِ أهلنا في دارفور.