جدو أحمد طلب يكتب: مشاهد من زيارة تاريخية لدقلو
الخرطوم | متابعات الرائد نت
عقارب الساعة كانت تشير للعاشرة والنصف صباحا عندما هبطت بنا طائرة السلام بمطار الشهيد صبيرة “بالجنينة” وقد أشرقت شمس المدينة الوادعة درة غرب السودان ، الكل جهز وحضر امتلأت جنبات المطار بجماهير المدينة ، التي استقبلت الوفد الرفيع استقبال الفاتحين ، وبعدها أتجه موكب النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو صوب المدينة ، لتبدأ رحلة المشاهدة مرة أخرى خرج مواطنو غرب دارفور مصطف بجانب الطرقات يردد مرحباً دقلو رجل السلام ، وصلنا مدينة السلام ، أستقبلتنا وحدة اردمتا الإدارية التي خرجت مكوناتها عن بكرة أبيها إنسانها يحمل علي سواعده لافتات المحبة التي أكدت فرحة إنسان الوحدة بقدوم دقلو وسط أهازيج الفرح.. توقف الموكب قليلاً كدأبه رجل المحبة والسلام يستمع إلي مواطنيه من ثم أنطلق الموكب وسط المدينة ، وهناك مشاهد أخرى علي الطرقات الهجن والفرسان علي ظهور الخيل يحملون رأيات بيض مدون عليه جيتً جيتو ابقو لقدم أنتو ضيوفنا ونحن الخٌدام . لحظة وصولنا ساحة الإستقبال لم تٌكن تلك الساحة المعهودة التي كنا نشاهدها عند كل المحافل ، بل هذه المره ضاقت جنبات ساحة مستشفى الجنينة التعليمي بالمستقبلين ، إنسان المدينة شكل لوحة زاهية ومن الطرف الآخر إنسان البوادي والأرياف الكل كان حضور والمشهد كأنما الحجيج عند عرفات ، الرقصات الشعبية الأطفال النساء والرجال كلاً جاء يحمل تراثه وثقافته مستقبلاً دقلو ووفده الميمون المكون من أعضاء مجلس السيادة وعدد من السادة الوزراء والمسؤولين وممثلي قوى الحرية والتغيير بجانب وفد الإمارات في يوم تاريخي عنوانه تنصيب والي الولاية الجنرال خميس عبدالله أبكر .حشود ضخمة ورقصات شعبية لم نشاهدها من قبل زغاريد تعانق عنان السماء وطبول تضرب ، كانت لحظة تاريخية عندما صعد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو إلي منصة الإحتفال وهنا بدأت صوت المواطنين يعلو فوق صوت الطبول ، الراجل الضكران ، رجل السلام ، ود حمدان ، رجل التغيير ، أمل السودان هكذا كان حديثهم وسط ذلك الضجيج العالي ، من جهته بدءاً صمت قليلاً وبلغته البسيطة ، السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أنسان مدينة الخير ، مرحباً بوفده الميمون متمنياً أن يكون الجنرال خميس خير خلف للوالي السابق وأن يعود بالمدينة إلي سابق عهدها ، ومضي مخاطبا جماهير مدينة الجنينة أن البلاد تعيش فترة مفصلية من تاريخها ، وهناك تحديات عظيمة في الأمن والإقتصاد والسياسة والمجتمع ولا يمكن تجاوز هذه التحديات إلا بدراسة أسبابها ووضع المعالجات الحقيقة لها وهنا هتف الجميع تسلم ، تسلم يا ود حمدان قول الحقيقة ولا يهمك هكذا يتحدث إنسان الجنينة ، وهذا يتطلب توافقاً وإجماعاً وطنياً نتجاوز به الاحتقان السياسي والضائقة الإقتصادية والغبن الإجتماعي والانفلات الأمني الذي تشهده هذه المدينة التي لا تستحق كل ما حدث بها .واضاف إنسان مدينة الجنينة أتينا لتنصيب الجنرال خميس والياً لهذه الولاية التي عانت من ولايات الحروب الأهلية لكننا علي أمل أن يعمل جنباً لجنب مع كافة مكونات المجتمع لاستكمال أهداف المرحلة الانتقالية والخروج من الأزمة الراهنة حفاظاً علي إستقرار بلادنا ، تدشين مسيرة والي غرب دارفور يأتي تأكيداً بالعمل لا بالقول ، أن تنفيذ اتفاق السلام يمضي ليؤكد جدية الدولة والأطراف الموقعة علي السلام ، في تنفيذ الاتفاق لنضرب المثل في الالتزام بالعهود والمواثيق، وقوفنا اليوم بينكم في هذه المناسبة يحمل دلالات التعافي من عدة زوايا : أولها تحول دارفور بولاياتها الخمس إلي إقليم واحد موحد يجسد تماسك المجتمع ويجدد العزيمة لإعادة دارفور إلي سيرتها الأولي وثانيها : تعيين مني أركو مناوي ليقود مسيرته نحو السلام والأمن والتعايش والتنمية والنهضة وثالثها تعيين والي شمال دارفور وغرب دارفور التي نقف عندها الآن ليسهما مع ولاة الولايات الأخرى ، في ترسيخ السلام ، وزيادة الإنتاج والتنيمة والاستقرار ، مشدداً علي ضرورة التحلي بالشجاعة والإرادة، لمحاربة كل أشكال العنصرية والجهوية والقبلية والاحتكام للقانون وآليات العدالة وللأعراف السودانية لمعالجة المشكلات التي تواجهنا .ولم يكتفي بهذا فحسب ، دعا دقلو والي الولاية إلي أهمية معالجة آثار الأحداث المؤسفة والعمل علي توسيع المشاركة والشورى بين مكونات الولاية ، وتعزيز دور الإدارة الأهلية ، ومنظمات المجتمع المدني والتنسيق المشترك لإزالة كل التشوهات الناتجة عن العنف الإجتماعي، والنعرات القبلية والعنصرية والعمل علي عودة النازحين واللاجئين ، واستقرار الرٌحل ، واضاف نأمل أن ينضم إلي ركب السلام الأخوان عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور وآخرون ما زالوا يحملون السلاح من أبناء هذه الولاية .الرجل يتحدث حديث العارفين وكأنه يقول لأنسان المدينة قوتنا في وحدتنا هو يقول نتطلع إلي تعاون مثمر وبنّاء مع بعثة يونيتامس في عملية بناء السلام وإعادة ما دمرته الحرب ، وليس هذا فحسب شدد علي ضرورة منع ارتداء الكداميل وحذر من الرتب الوهمية التي تمنح لبعض الأفراد وقال ” لا تمنح الرتب الا بعد استيفاء الترتيبات الأمنية” واصفا منح الرتب بسوق المواسير وهو يقول بتلك اللغة البسيطة واللهجة المفهومة : كلامي إذا ما سمعتوا الدواء موجود مؤكداً في هذا الصدد عزم الدولة علي حسم كافة مظاهر التفلت عبر آليات الدولة وسيادة حكم القانون ، وفي وسط الحديث أشاد دقلو بالدور والاهتمام الكبير الذي ظلت توليه الشقيقة الإمارات لشعب السودان علي مر التاريخ وبهذا أعلن عن تشييد “١٢” طريق جديد تربط ولايات دارفور بالطرق القومية بتمويل من الشيخ محمد بن زايد .بعد تلاوة هذا الخطاب المتين لإنسان المدينة ، اتجهنا صوب قيادة الفرقة الخامسة عشر مشاه ، والتي بدورها رحبت ترحيباً حار بالنائب الأول لرئيس مجلس السيادة ووفده الزائر للولاية ، ليبدأ النائب خطابه الآخر لجنود الوطن البواسل وكذا الحال أفراد الحركات الذين رافقونا إلي قيادة الجيش ، أشاد دقلو بالدور الكبير الذي ظلت تقوم به القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخري في الحفاظ علي وحدة وأمن واستقرار البلاد ، واصفاً إنها ظلت العين الساهرة في كل السودان ، وقال ” هذا واجب عليها ولا تنتظر الشكر من أحد” في ذات السياق وجه بفرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون وقال إن الدولة لن تسمح بالفوضي نهائياً.بهذا الحديث أكد أن الدعم السريع خرج من رحم القوات المسلحة وقد أجاز البرلمان قانون الدعم السريع، وزاد قائلاً لولا القوات المسلحة لم يكن هناك دعم سريع “. وهنا شدد دقلو علي أهمية حسم مظاهر الانفلات الأمني ومعالجة الظواهر السالبة وعدم حدوث أى فوضى داخل مدينة الجنينة ، وأنه لن يسمح لأي شخص بحمل البندقية بخلاف قوات غرفة السيطرة المناط بها حفظ الأمن داخل المدينة ، فضلاً عن تنديده بعملية تجنيد الأطفال في صفوف الحركات المسلحة ، ووصفها بأنها خطوة مخالفة للقانون ، وأن التجنيد يتم وفق السن القانونية ، وقد أعلن دقلو رفضه لانتهاج أي حركة مسلحة القيام بعملية التجنيد ، وقال ” أتفقنا مع قادة الكفاح المسلح ، أن تكون قواتهم في الخارج ، وأن يتم تدريبهم في معسكرات التدريب ، وذلك في إطار انفاذ بند الترتيبات الأمنية، مضيفاً أنه لابد من حسم الأمر فوراً .بهذا الحديث ليقوم دقلو بتوجيه والي الولاية وقائد الفرقة بحسم مظاهر التفلت والعمل علي فرض هيبة الدولة وانفاذ القانون اعتباراً من اليوم ، لم يكتف دقلو بهذا ، قال “ستكون هناك إجراءات صارمة لمنع حمل السلاح وارتداء الكدمول ولبس الزي العسكري وقيادة سيارات عسكرية لغير القوات النظامية، منادياً بإخراج قوات حركات الكفاح المسلح إلي خارج المدن وإلزامها بمواقعها لحين انفاذ الترتيبات الأمنية.. واستمر بتوجيه لتمكين قوات الشرطة لتؤدي دورها المطلوب في حماية المدنيين حتي يشعر المواطن بالأمن والاستقرار، ومنح القوات النظامية المختلفة بالولاية مرتب شهر تقديراً وعرفاناً لدورهم .حديث الصراحة الذي صاحب خطاب دقلو وجد قبولاً واستحسان وسط المواطنين مما دعا رواد مواقع التواصل الإجتماعي لمداولة خطابه ذو المصداقية والشفافية والنزاهة وهكذا هو القائد الحقيقي الذي يحق أن يكون علي رأس السلطة ليخرج بالبلاد إلي بر الأمان ، لا تزال الحشود باقية بعد سماع هذا الخطاب لتبدء مرة أخرى السير خلف موكب النائب المتجه إلي مطار الشهيد صبيرة لمغادرة الولاية ، موكب الوداع يجعلك تحدق الأنظار نحو الحشود الضخمة التي تتبع الموكب وصوت الجماهير يعلوا علي صوت المركبات وهم يهتفون وداعاً رجل السلام : شرفتونا ود حمدان : وداعاً أمل البلاد : منصورين يا ود حمدان هكذا كان الجميع يهتف حتي وصلنا بوابة المطار ، برداً وسلاماً ود حمدان الرجل الضكران أمل السودان بهذه الكلمات التي تنبع من قلوب إنسان المدينة ودع الجنينة بسلام حميدتي ود حمدان ولنا عودة.