حيدر المكاشفي يكتب..الفطور فول والغداء مروحة
الخرطوم الرائد نت
عندما يقترب عيد الفداء دائماً ما تصعد أخبار الخراف الى الواجهة وتتسيد نقاشات المجالس، وقد شهدت شخصياً ليلة أمس الأول مثل هذا النقاش الذي غالباً ما تختلف وتتقاطع فيه الآراء والمواقف.. قال أحدهم أنه لا قبل له بثمن الخروف وان تدنى الى العشرين ألفا، فداعبه آخر (يعني يا حبيب فطورك فول وغداك مروحة)، وهو قول مأخوذ من شعار أثير عند العزابة مؤداه (فول باص فول) والذي يعني الفطور فول والغداء مروحة والعشاء فول.. انبرى ثالث ووجه لي شخصياً سؤالاً استنكارياً لا استعلامياً هدف من ورائه الحصول على الاجابة التي يرغبها، قال ما رأيك في الحصول على خروف الأضحية بالأقساط لمن لا يملك ثمنها حاضراً، أليس في ذلك مشقة له تدخله في دوامة الديون، ثم الا يعتبر مثل هذا المسلك محض مظهر اجتماعي سالب تجب محاربته، خاصة وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد ضحى عن نفسه وعن أهل بيته وعمن لم يضح من فقراء المسلمين بكبشين أملحين أقرنين، هذا علاوة على أن عملية بيع الخراف بالأقساط تقفز بأسعارها..ولأنني لست من أهل الفتيا كدت أن اجيبه بمقولة سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما الشهيرة التي كان يقولها فرحا وهو يفرك يديه (سئل ابن عمر عما لا يعلم فقال لا أعلم)، ولكنني استدركت اذ استحضرت ما يجيب عليه على مسؤولية فتوتين صدرتا من قبل حول شأن الأضحية..احدى الفتوتين جوزت شراء الأضحية عن طريق الاستدانة أو بالأقساط.. وعلى الضفة الأخرى صدرت فتوى أخرى حملت رأيا مضاداً للذي أصدرته الفتوى الأولى لا تصد فيه عن السبيل الذي سلكته تلك الفتوى فحسب، بل وتحذر من عواقبه بما يمكن أن يجلبه على الفقراء وذوي الدخل المحدود من رهق سداد الدين أو الأقساط، وربما صاروا بسبب ذلك من الغارمين الذين يستحقون الزكاة، و طمأنت الفتوى الأخيرة غير القادرين على شراء الأضحية من حر مالهم و(كاش داون) بأن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قد ضحى عنهم بكبشين أقرنين أملحين، وبذلك صار لدينا رأيين يقف بينهما الفقراء ومحدودو الدخل، الرأي الذي يجوز شراء الأضحية بالدين أو الاقساط، والرأي الآخر المخالف لفتوى اباحة الاستدانة والاقساط..هذا الاختلاف بين هاتين الفتوتين ذكرني بطرفة الشيخ الداعية عبد الحميد كشك رحمه الله التي جرت على ألسنة بعض الوعاظ باعتبارها من الأحاديث النبوية الصحيحة، قيل إن الشيخ كشك قال في ثنايا خطبة له إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل سيدنا بلال بعد انقضاء أيام عيد من أعياد الأضحى، بما ضحيت يا بلال، قال بلال بـ(ديك)، فقال له النبي ممازحا (مؤذن ضحى بمؤذن )..ربما كان في هذا الاختلاف رحمة وتوسعة على الضعفاء والفقراء، هذا طبعا إن جاز أن في الاختلاف في مثل هذه المسألة رحمة، فعندها سيكون الخيار لمن لا يملك ثمن الأضحية كاملا قل سعرها أو ارتفع، إن شاء تبع فتوى اباحة الدين والاقساط وإن شاء انصاع لتحذيرات الفتوى الأخرى ولا تثريب عليه في أي خيار يختار..والله اعلم..