عثمان ميرغني يكتب.. ( إعلام بلا منصات.. )
الخرطوم الرائد نت
الأستاذ محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة الانتقالي تحدث أمس في منصة ورشة “إعلام السلام” التي أقامها “مركز ارتكل للتدريب والإنتاج الإعلامي” بفندق هوليدي فيلا، وأكد ما ورد في بيان لوزارة الإعلام من أن هناك منصات لبث الأخبار الزائفة التي تستهدف السودان، وتنطلق بالتحديد من ثلاث دول.. واستغرب الفكي لماذا لا تكشف الحكومة أسماء هذه الدول..بصراحة لم أفهم لا من بيان الوزارة ولا من حديث السيد الفكي كيف “تستضاف منصة أثيرية” في دولة؟؟ الغالبية العظمى للمنصات الإخبارية الإلكترونية السودانية مستضافة في “سيرفرات” في دول أخرى غالباً أمريكا أو أوروبا.. وخلال العهد البائد لعبت صحيفة “الراكوبة” الإلكترونية دوراً بارزاً في كشف النظام وتوجيه كثير من الضربات الإعلامية المؤلمة إلى جسده، ولم يجرؤ النظام على اتهام دولة بأنها تستضيف “الراكوبة” التي كان معظم محرريها يعملون من داخل السودان بينما موقعها الإلكتروني في أمريكا. الإعلام الجديد لا وطن له، فهو أثير مبثوث في الفضاء الكوني الواسع بلا مكان ولا زمان.. ويمكن إدارته دون الحاجة لمكتب فضلاً عن دولة تستضيفه.صحيح بعض رموز النظام البائد إختاروا المهجر السياسي في دول بعينها لكن هل يعني ذلك أن المواقع الإلكترونية تقيم معهم هناك أيضاً؟في تقديري مثل هذه المعارك الإعلامية مكلفة سياسياً وأخلاقياً وتهز صورة السودان الدولية، من الحكمة ممارسة مبدأ “وداوني بالتي كانت هي الدواء”.. صحيح هناك بعض الحملات الإعلامية التي تستهدف الانقضاض على الحكومة الانتقالية بأي ثمن، لكن الأصح أن الإعلام يقابل بالإعلام.. وهذا بالضبط ما قاله السيد مني أركو مناوي حاكم دارفور في كلمته أمام الملتقى نفسه، فهو يرى أن الحكومة تمنح الفرصة بما توفره من ثغرات في أدائها، وضرب مثلاً باتفاق السلام الذي وقع في جوبا قبل حوالى عشرة أشهر، وقال أن غالبية البنود لم تنفذ، وهذا تقصير من الحكومة يمنح الإعلام المضاد مائدة يقتات منها.. والأجدر أن ترقع الحكومة ثوبها حتى لا تظهر العورات. بصراحة، كنا نطمح بعد الثورة أن لا تكون هناك “وزارة إعلام”من الأصل، فالدولة الديموقراطية لا تحتاج لوزارة إعلام، و من الحكمة أن تدرك الحكومة أن الإعلام الحر مصدر اقتصادي مهم للدولة الرشيدة، فهو ليس مجرد “طق حنك” بل من أهم أدوات جذب الاستثمار لأنه يرفع من صيت الدولة ويؤكد على الشفافية والمصداقية وهي أركان “الأمان” الذي تبحث عنه رؤوس الأموال