د. ناهد قرناص تكتب إرم ذات العماد
الخرطوم الرائد نت
أرسلت لي صديقة تظن في خيراً.. اعلان عن شقق تمليك في حي من أحياء الدرجة الأولى في العاصمة القومية.. ان يظن أحدهم فيك خيرا وانك قادر على شراء شقة تمليك هذا في حد ذاته مفخرة.. دعك من ان تكون هذه الشقة في حي درجة أولى.. وان تباع بالمتر المربع.. وان يكون سعر المتر فيها بالدولار (اخضر وحي ).. هذا الاحساس لوحده منحني زهوا ومتعة استمرت طوال اليوم.. وقلت لنفسي (الفال تحت اللسان.. والله اداهو منو البحميهو) ونعم بالله.. راحت السكرة وجات الفكرة.. فقد دققت في السعر.. عبست وبسرت واعدت البصر كرتين.. الشقة يا سادة يا كرام.. وما يحلى الكلام الا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام.. الشقة تباع ب180 الف دولار او ما يعادلها بالجنيه السوداني.. لا.. ليست كلها دفعة واحدة.. هناك رأفة.. في اقساط على سنتين.. شوف ازاي ؟.. قيل أن الاستاذ فيصل القاسم في برنامجه الشهير الاتجاه المعاكس تساءل عن غلاء سعر الارض في الخرطوم.. قائلاً (هل الخرطوم جنة عدن)؟.. أنا شخصياً أعتقد اننا نسكن ارم ذات العماد.. في شنو يا اخوانا ؟ اعطني سبباً واحداً يمنح أرض الخرطوم هذا الغلاء الفاحش ؟ سبب واحد فقط.. لاحظ ان الخدمات تكاد تؤول الى الصفر.. فانك ان سكنت الخرطوم.. ذلك يعني انك ستقوم بعمل كل شئ لوحدك.. من حفر بئر التصريف حتى شراء عمود الكهرباء والسلك الذي سيقوم بحمل الكهرباء الى منزلك العامر بعد شراء العداد.. .. ما الذي يرفع سعر الارض هنا؟ الذي يتابع التلفزيون المصري.. سيدهشه كم الاعلانات عن الشقق والفلل المعرضة للبيع بنظام الاقساط على المدى الطويل.. شقة تفتح النفس بمقدم 2500 دولار ونظام اقساط شهري لا يزيد عن 250 دولار.. الشقة التي حكيت عنها في السودان القسط الشهري 5000 دولار.. دولار ينطح دولار .أين يكمن الفرق ؟ البنوك في كل العالم تدعم التنمية العقارية وتعدها احدى أهم اذرع الاستثمارات.. وهذا الذي يجعل الوظيفة الحكومية ذات ألق.. رغم ضعف الراتب لكن استمراريته وضمان الحكومة تجعل البنك هو الضامن لدى الشركات وبالتالي يستطيع الموظف السكن في شقة تمليك يسدد ثمنها بدلاً عن ذل الايجار وهوانه. من يستطيع ان ينقل أفكار كهذه لبنك السودان المركزي ؟ لو فتح باب التمويل العقاري للبنوك.. لاستقر سعر الارض ولاستطاع الكثيرون الخروج من عنق الزجاجة والعيش في مساكن كريمة تحترم ادمية الانسان.. لكن من يقول لهم ( البغلة في الابريق؟)..على العموم في نهاية المقال اطمئن كل المتابعين انه لو استمر الامر هكذا.. ان شاء الله تعالى سنلتقي في جنة عدن ست الاسم الحقيقية.. حيث لا حزن ولا غضب ولا الم ولا نصب.. انه سميع عليم.