ذكرى اندلاع الحرب في جنوب كردفان
الخرطوم | جوال الخير
مع اقتراب ذكرى اندلاع الحرب في جنوب كردفان يوم السادس من حزيران يونيو 2011م، والمعروف شعبياً بيوم (الكتمة)، تنعقد في عاصمة جنوب السودان- جوبا مفاوضات سلام بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية قيادة الحلو، والتي يعلق عليها أكثر من مليون مواطن في جنوب كردفان والنيل الأزرق آمالهم لإنهاء الحرب التي استمرت زهاء العشر سنوات وتحقيق السلام.
الحرب التي تسبب فيها النظام المخلوع نتيجة التلاعب بنتيجة الانتخابات وكذلك تقويضه لاتفاقية السلام الشامل ورفضه لتنفيذ بنودها خاصة المتعلقة بالترتيبات الأمنية.
دعنا نقول أن أية جهود لإنهاء الحرب وتحقيق السلام هي جهود مباركة ونرحب بها سيما وأن البلاد والشعب في المقام الأول لايتحملان المزيد من المعاناة، فالدولة التي أنهكتها الحروب الطويلة قد وصلت لمستوى القاع من الدمار في شتى المناحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبنية التحتية وغيرها، وتحاول الحكومة الانتقالية جاهدة ترميمها وبناءها، في وضع يقف من دمروها شاهرين ألسنتهم عليها (كأنهم لم يفعلوا شي)، وثاني يواصل في التدمير بآليات اخرى، وثالث يعيقها بالتشكيك في مقدرتها للعبور بالبلاد لبر الأمان، ورابع يسعى لإسقاطها.
إن مجرد التوقف عن التعبير عن السياسة بالقتال والدمار بين الحكومة والأحزاب والحركات والتحول إلى التعبير عنها بالوسائل السلمية المدنية هو أكثر من نصف مشوار البناء والإعمار، وهي بتراكم السنين تهيئ البلاد والمجتمعات للاستفادة من مواردها والتحول للبناء وسيادة ثقافة حكم القانون والتبادل السلمي للسلطة، فالأوضاع وصلت لمرحلة من الضعف عند كل الأطراف وما سيعقب ذلك حتماً التفكك والتحلل فالوضع لا يحتمل المراوغات والمكاسب السياسية الصغيرة، دعنا ندفع بالامور نحو هذا الاتجاه وهو الوجهة الصحيحة حتماً.
عن الموقف التفاوضي للحركة الشعبية قيادة الحلو:
الموقف التفاوضي الذي قدمه الحلو وإن تقاصر عن الطموح الذي توقعه منسوبوه ومن ظلوا طيلة الوقت في خانة الدفاع عنه، إلا أنه في النهاية موقف ينهي الحرب، وإنهاء الحرب في حد ذاته وبأي ثمن موقف نظل ندعمه علناً، وحالة الإحباط لدى منسوبي الحلو وداعميه (إن وجدت) فالمسؤول عنها هو الحلو نفسه، فقد استخدم في السابق (عند استقالته 2016م) شعارات لحشدهم حوله وتأييدهم له وهو يعلم في قرارة نفسه أن هذه الشعارات صعبة المنال والإنزال لأرض الواقع ( في الموقف التفاوضي)، وهذا كان رأينا الجهور، ولكنه استخدمها على اي حال ك(غاية تبرر الوسيلة) له للسيطرة على قيادة الحركة الشعبية، لا نبكي على قيادة الحركة فمن أخذها منهم ليسوا بأفضل منه بأي حال من الأحوال، ولكن في النهاية نقول له :وعد الجماهير ليس محل مزايدة وتلاعب ترفعها وقتما تشاء وتنسحب منها بالباب الخلفي عند معرض الحاجة لعرضها (في طاولات التفاوض).
الحقيقة التي لا مواربة منها هي أنه ليس من العدل أن نطلب من الحركة الشعبية قيادة الحلو أن تحقق وبلمح البصر كل القضايا التي ناضل من أجلها المواطنون في جبال النوبة والنيل الازرق في طاولة جوبا، وبالمقابل لايمكن احتكار النضال السياسي من أجل تحقيق هذه القضايا لها لوحدها، فالمظالم التي تعرض لها المواطنون هناك وقعت بتراكم السنين وبنفس هذا التراكم ستحلحل عقدة عقدة بمرور الوقت ولكل مقتدر، وليس بالضرورة أن يشهد المناضلون والقادة حلم تحقيق دولة الرفاه بأنفسهم، ومن يتوقع ذلك فإنه يسبح في غياهب من الأحلام، الأمر المطلوب أن تعمل مجهودك ليس إلا.
والاحتجاج الذي أظهره بعض المواطنون المنتمون لجبال النوبة بسبب مشاركة بعض من لاينتمون للمنطقة في الوفد المفاوض للحركة الشعبية قيادة الحلو، هو أمر نرى أنه لا داعي له، سيما وأن(المحتجين) ليسوا بأعضاء في تلك الحركة، وإن كانوا، فإنهم ليسوا بمتخذي قرار فيها، وطالما أن الحكومة منفتحة للجلوس مع أي طرف فإذن الاحتجاج لماذا؟ والتخوف من ماذا؟ يجب عليهم عرض القضية ودعوة الحكومة للتفاوض معهم بأفضل من (الحركة الشعبية- الحلو) التي يتجمهرون في منابرها، ونهج(يا فيها يا نفسيها) هذا لن تفيد في مثل هذه القضايا.
التفاوض من أجل الوصول لاتفاق هو مجرد وجه من بداية المشوار، والوجه الآخر في انتظار تنفيذ ما اتفق عليه.
فليوقع السلام من أجل السلام ولأننا لا نحتمل المزيد من الحروب.
وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة