محمد إدريس يكتب : المعادلة الإثيوبية..هل يتسبب (الازدهار) في (الإنهيار)؟!
متابعات/ الرائد نت
في صبيحة إحدى أيام أكتوبر من العام الماضي اشتعل القتال في إثيوبيا على نحو مباغت،ليكتب تاريخ جديد بين حقبتين.. هما( الازدهار)(الإنهيار ).. (النهضة)(الانتكاس).. الفكرة ونقيضها سنن كونية وثنائية قطبية،حينما هاجم مسلحو التقراي القطاع الشمالي التابع للجيش الفيدرالي وتمكنوا من الاستيلاء على معداته الثقيلة، رئيس الوزراء حينئذ وجه بالرد على ذلك الهجوم الذي وصفه البرلمان بالعمل الإرهابي،وطيلة العام المنصرم كانت التقراي تأخذ بزمام المبادرة،تاركة وراءها رد الفعل لأبي أحمد ووزير دفاعه المنحدر من التقراي (أبراهام بلاي) حيث اطيح في وقت سابق بسلفه( قنا يادتا) ضمن حركة تنقلات في المواقع الأمنية والعسكرية المهمة أثناء هذه الأزمة..!
وأخيراًظهر ابي أحمد وسط جنوده في جبهات القتال في الشمال الشرقي بإقليم العفر ليدحض الشائعات التي نسجت حول اختفاءه وحصار العاصمة،أطل أصغر رئيس أفريقي مرتديا نظارته السوداء والبزة العسكرية التي خلعها منذ سنوات،ليحدثهم عن المستقبل وصيانة التراب ووحدة الشعوب الإثيوبية،كأنما كتب لبلاد الهضبة أن ترتد من عهود النهضة والتنمية إلى سنوات الحرب والفقر والمجاعة والتيه والضياع.. حينما أوشكت الفيدرالية الاثنية التي طبقها ملس زناوي أن تنهار وتحيل الدولة إلى دويلات وشظايا متناثرة،ولطالما ظل يفاخر شعبها بالامبراطورية التي لم تطأ أرضها أقدام الغزاةالمستعمرين.
وقبل اسبوعين كان السفير الإثيوبي بالخرطوم بيتال أميرو وكأنه يشعر بوقع أقدام الغزاة الجدد على أبواب أديس أبابا،حين تحدث إلى الصحفيين السودانيين عن المؤامرة والتضخيم الإعلامي الذي تقوم به جهات غربية تدعم جبهة تقراي حيث قال أن الوقت لم يحن لكشف تلك الجهات،مضيفاً بأن النداءات المتكررة بخصوص اخلاء رعاية تلك السفارات القصد منه إحداث البلبلة والدعم الإعلامي، مشيرًا أن بلاده تواجه هجمة إعلامية دولية ضخمة مضللة لحقائق الأوضاع!
ويقول العارفون ببواطن الأمور في بلاد الهضبة،أن الجيش الفيدرالي الإثيوبي عصى على الهزيمة.. وقوات التقراي تتحلى بقدر كبير من العناد والتحدي وأن فرضية سقوط العاصمة تبدو صعبة إن لم تكن مستحيلة، ربما تستخدم في إطار الدعاية في ظل احاطتها بانصار أبي أحمد أو على الأقل بالناقمين على التقراي.. والنفرة العسكرية العامة والثقل العسكري وقوات الحرس الجمهوري الذي يحصن العاصمة من أي خطر محتمل،جميع تلك المعطيات تصب في ماعون التسوية السياسي الذي يرفضه الطرفان وهو الخيار الأنسب ، إلا أن ضغوطات مبذولة سرا اوعلنا من حلفاء الطرفين والجولات المتكررة للمبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان ربما تدفع بالطرفين إلى ترجيح كفة التسوية السياسية بإدخال التقراي في معادلة جديدة بعد حصاد الاقصاء والتخوين
المتبادل.!
ويتبدي التخوين المتبادل بين الطرفين في وصف التقراي لمايجري بأنه (حرب إبادة عرقية) السبب الذي جعلهم يتفقون على الدولة المركزية في كسب حشد المجتمع الدولي والتعبئة العامة، في مقابل خطاب الإرهاب والتمرد الذي يطلقه الطرف الحكومي على خصمه، فان موازين الدبلوماسية والتفوق العسكري لصالح التقراي فضلا عن التجربة والممارسة الطويلة لهم في مضمار الحكم والمعارضة..!
واخيرا فإن فكرة حزب (الازدهار) الذي انشئ قبل عامين في اثيوبيا ضمن معادلة تصفية الفيدرالية الاثنية بدمج حركات ومنظمات وجبهات الشعوب الإثيوبية في تحالف واحد وهي فكرة يعتبرها البعض إيجابية نقلت اثيوبيا من إطار القبيلة الضيق الى إلى رحاب التعددية الحزبية وحرية وسائل الإعلام وتنظيم المظاهرات والعمل السياسي المفتوح مما كسر هيمنة جبهة التقراي التي ظلت متحكمة في السلطة لأكثر من عقدين من الزمان،بينما يعتبرها البعض الآخر بمثابة عود الثقاب الذي أشعل الأزمة وقاد إلى الإنهيار فهل كانت فكرة ابي أحمد حماسية أكثر من اللازم وخاطئة وغير مدروسة وغيرت من المعادلة سلبا..!