ضياء الدين بلال يكتب.. (نحن وهم)..!
متابعات/ شبكة الرائد الإخبارية
-١-
ما يثير الاشمئزاز محاولة البعض تصوير ما تقوم به الصحف من رفع اﻷغطية عن الممارسات الفاسدة ،عملاً كيدياً تقوم به لمصلحة آخرين أو لتحقيق أجندة سياسية.
للأسف بعض هؤلاء من صغار المنافقين والممالقين، كانوا يعملون ويكتبون في هذه الصحف ولم يسجل لهم التاريخ مواقف ثورية خالدة، ولا تميزا مهنيا راسخا.
كانوا مهذبين ومطيعين، كتاباتهم ناعمة ومهادنة، وابتسامتهم لامعة في حضرة المسؤولين، عيونهم مع الحاضرين ، وآذانهم على طارقي الأبواب من العابرين .
أحد هؤلاء (الممالقة ) كاتب ثمانيني ظل يتسول المسؤولين.. صباح مساء، أعطوه أو منعوه، ويقدم نفسه (شاهد ملك) على فشل تجارب اليسار السوداني ويسميه (اليسار الجزافي)، ويطلق على من في ركبه (تحالف الهاربين)..!
وصحفي (نهاق )،خفيف الوزن ثقيل الظل ، لم نعرف له مواقف ثائرة ولا آراء جرئية!
نصدقكم القول لوجه الحقيقة :
كانت تظهر له (أسنان من لبن) مع اهتزاز سلطة النظام السابق، فتعتريه نوبات ثورية مفاجئة ، وما إن تمر الموجة العالية، يعود وديعا مسالمًا، كما كان بلا أسنان.
-٢-
وما إن سقط نظام البشير، إذا أولئك أصحاب أصوات عالية وادعاءات عراض وبطولات زائفة .
خرجوا اليوم على زملائهم بأنياب يسكنها السوس، وأظافر مسمومة وخناجر صدئة، خرجوا عراة من الحياء وأخلاق الزمالة.
هم اليوم لا يملون من ممارسة التبرج أمام نوافذ الحكام، لعلهم يجدون لأنفسهم موطئ قلم أخضر داخل أجهزة السلطة.
-٣-
الصحافة السودانية ظلت تقوم بدورها المهني في تمليك الحقائق للجماهير وصناعة الوعي.
وكما كتب الصديق العزيز السيف البتار في وجه الفاسدين، دكتور مزمل أبو القاسم:
الصحف السودانية تمتلك تاريخاً طويلاً وناصعاً في محاربة الفساد في النظام السابق.
كتبت الصحف عن فساد في مكتب والي الخرطوم وعن فساد صندوق إعمار الشرق وفساد منظمة مجذوب الخليفة الخيرية.. فساد شركة الأقطان.. فساد وزارة العدل.. فساد محاليل كُور.. فساد الأوقاف.. فساد سوداتل.. فساد هيئة مياه ولاية الخرطوم.
كتبت الصحف غير هيابة ولا رجفة:
عن فساد مكتب مدير الجمارك.. فساد بيع بيت السودان في لندن.. فساد بيع بواخر سودان لاين.. فساد سودانير.. وغيرها كثير، أثارته الصحافة السودانية في عز القمع والتضييق.
تحملت في سبيل قول كلمة الحق وكشف الحقائق الكثير من العنت، بالمصادرات والاستدعاءات والاعتقالات، ولم تنكسر شوكتها، ولم تكف يوماً عن ممارسة دورها الوطني بمنتهى الشجاعة.
وتساءل مزمل:
فهل يريدون لها أن تنزوي لتمارس (الغتغتة والدسديس) وتتسامح مع الفساد في زمن الثورة؟!!
-٤-
في يومٍ واحدٍ دخل البشير موسوعة جينيس، حين قام بمُصادرة أربع عشرة صحيفة حين غضبة !
لم تتوقف الإجراءات الاستثنائية ضدَّ الصحف من مُصادرات وإغلاقٍ على يد العقيد وقتها (كمال بور)؛ ومنع الطباعة وحجب التوزيع والاستدعاءات الأمنية والمحاكمات الكيدية خارج العاصمة!
حوربت الصحف بسلاح الإعلان، ومقص الضرائب، وإغلاق الأكشاك، والمثول أمام محاكم النَّشر!
وفي يومٍ شهد لها الراحل المقيم الأستاذ محمد إبراهيم نقد، بأن ما قامت به من دور في التطور السياسي وتوسيع الحريات، كان أكبر مما قامت به الأحزاب السياسية.
-٥-
قلناها من قبل ونعيدها اليوم، لمن في عيونهم غشاوة وفي آذانهم وقر وعلى قلوبهم أكنة:
لا يعنينا غضب الحاكمين، ولا رضاء المعارضين ، نكتب ما نراه حقَّاً، لا نُمالق به جهة، ولا نبتزُّ به أفراداً أو جماعات.
لا نكتبُ بحبر مُلوَّث بالكيد والغرض، ولا نكتب على لوح المصلحة والاسترزاق بالقلم على حساب الوطن.
لا يُحرِّضنا أحدٌ على أحد، ولا نُستَقْطَبُ لتحقيق أجندة آخرين؛ يجلسون في الخفاء.
لا نعرف صحافة الحملات والكتابة بحسب (الظروف).
نكتبُ لا لمصلحة جهة أو فرد، ولكن لمصلحة الدولة السودانية، استقرارها، وازدهارها، وأمنها، ورفاهية مواطنيها، وتجنيبها الفتن؛ نكتب ضدَّ ثقافة الكراهية واليأس والمعارك الصفريَّة.
ننتقد بصدقٍ ونُثني على من يستحق، لا نكذب ولا نُلوِّن المعلومات ولا نُزيِّفُ الحقائق، غَضِبَ زيدٌ أم فرح عمرو أم زغردت سعاد..!
ضميرنا هو الحكم، ومع ذلك نخطئ ونُصيب، نُسرع ونتعثَّر، تضطَّرب خطانا، ولكن لا نضلُّ الطريق ولا نخون القارئ والرفيق.