القرارات الإقتصادية وتأثيراتها على الإستثمار
الخرطوم جوال الخير –
تقرير: سمية سراج
سعت الحكومة الى تنفيذ مجموعة من الإصلاحات تهدف من ورائها للخروج من أزمات البلاد الاقتصادية و تمثلت الاجراءات المتخذة في خفض قيمة العملة والسعي لجذب التمويل الأجنبي للاستثمارعبر حزمة شملت رفع الدعم عن الوقود والتوجه نحو اعادة هيكلة النظام المصرفي ليصبح اكثر قدرة على التنافس داخليا وخارجيا وقادرا على استيعاب التدفقات المالية المتوقعة.فقد اكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د.ابراهيم جبريل في مؤتمر صحفي بوكالة السودان للأنباء الاسبوع الماضي خروج الدولة تماماً من دعم الوقود “بنزين وجازولين” وطمأن المواطنين بأن هنالك انفتاح كبير نحو الاستثمار بالسودان وأن وزارته تستقبل يوميًا أعداداً كبيرة من المستثمرين للعمل بالبلاد.وأوضح أن وزارته وضعت معالجات للمزارعين ،حيث يتم دعم المزارع المنتج فقط.وأوضح الوزير أن السودان لن يرفع الدعم عن القمح أو غاز الطهي أو زيت الوقود الذي يستخدم في إنتاج الكهرباء هذا العام، وذلك بعد يوم من الرفع الكامل لدعم البنزين والديزل.وقال جبريل أن سياسية الدعم من السياسات الفاشلة والخاطئة والغيرعادلة حيث لايتساوى فيها المواطنون، وأكد بان رفع الدعم سيكون المستفيد الأول منه المواطن البسيط وعدد الأسباب بانه سيساعد في توجيه الصرف نحو المجالات المطلوبة الصحيحة من صحة وتعليم وكهرباء وغيره، سيحارب التهريب كما سيغلق الباب أمام أي صرف غير حقيقي ويقلل الصرف غير المنتج. من جهته اشار المهندس جادين علي عبيد وزير الطاقة والنفط لسياسات رفع الدعم عن الوقود ومايترتب عليها مبينا بأن أسعار الوقود التي تعلنها الوزارة 70% منها تعتمد على التكلفة العالمية لاسعار الوقود وتعتمد كذلك على سعر الصرف ،موضحاً أن بقية العناصر الأخرى التي تدخل في تحديد السعر كتكلفة الترحيل متفق عليها سلفاً، معللاً أن رفع الدعم عن الوقود وخروج الدولة من تكاليفه سيسهم بصورة مباشرة في تطوير حقول النفط السودانية التي تدنى إنتاجها بنسبة 50% لعدم قدرة الدولة على توفير موارد لتطويرها.وشدد المهندس جادين على أن دعم الوقود هو تشوه في جسد الاقتصاد السوداني ،و اكد بان قرار رفع الدعم عن الوقود ستكون له أثار إيجابية على الزراعة والتنمية ووسيبعد السماسرة و الساعين الى الكسب الرخيص.وأوضح جادين أن الحكومة لجأت لخيار أخر وهو توقيع عقود طويلة الأجل مع بعض الدول الصديقة لاستيراد الوقود، وأن فاتورة إستيراد الوقود تبلغ ثلاثة مليار دولار تدفع الحكومة منها مليار ونصف يستفيد منها بعض ضعاف النفوس وأن دعم الدولة للوقود كان يسرق ويهرب لدول الجوار ولايصل لمستحقيه وأن رفع الدعم عنه يعتبرعلقماً في نفوس ضعاف النفوس.وقال أن المواطن لن يكون عرضة للابتزاز من شركات توزيع البترول الخاصة وأن شركات التوزيع الحكومية قادرة على السيطرة على سوق البترول وتوزيعه، موضحاً ان الشركات الحكومية تمتلك 50% من سوق توزيع المواد البترولية ولن تكون هناك فوضى في أسعار المشتقات البترولية.وأوضح أن سياسة تحرير الوقود ستسهم في إزالة العديد من التشوهات في الاقتصاد، حيث تنفق الدولة حوالي مليار دولار سنوياً دعماً للمحروقات.وكانت الحكومة قد أعلنت في أكتوبر 2020 تطبيق رفع تدريجي لدعم المحروقات، ضمن إصلاحات اقتصادية تعتزم تنفيذها، وفي فبراير الماضي قررت الحكومة السودانية تعويم العملة المحلية تعويماً جزئياً، في محاولة للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية.وقد تراجع إنتاج السودان من النفط بعد انفصال جنوب السودان عام 2011، من 450 ألف برميل يوميا إلى 60 ألف برميل، فدفع ذلك البلد إلى استيراد أكثر من 60% من حاجاته النفطية، مما أدى الى ظهورأزمات في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي.وتقر الحكومة بصعوبة القرار لكنها تشير إلى أنه لا مناص منه، لكن مراقبون يرون أن الحكومة الانتقالية الحالية التي تسلمت السلطة في أعقاب سقوط البشير في أبريل 2019 لم تنجح في معالجة الأزمات المعيشية الطاحنة التي تواجه المواطن العادي مما تسبب في موجة الغضب الحالية.لكن هناك توقعات وآمال عريضة في أن يسهم مؤتمر باريس للاستثمار في السودان بالخروج من هذه الأزمة الذي جاء وسط اهتمام دولي واسع وآمال داخلية عريضة بجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتخفيف عبء الديون المثقلة بفتح الباب أمام إعفاء ديون البلاد .فقد أعلنت فيه فرنسا عن قرض تجسيري بقيمة 1.5 مليار دولار لتسديد متأخرات السودان من الديون لصندوق النقد الدولي، ويشكل ذلك أيضاً فرصة لتدعيم عودة السودان للمجتمع الدولي، لاسيما وأن الفرص الاستثمارية الكبيرة المتوفرة في السودان تشجع على ذلك، يضاف لذلك ادراك المجتمع الدولي أن السودان يمتلك مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية تقف موارده على رصيف الاستغلال، بواقع 175 مليون فدان صالحة للزراعة، بجانب مساحة غابية تقدر بحوالي 52 مليون فدان)، وفي الشق الحيواني، يتمتع السودان بـ102 مليون رأس من الماشية، متحركة في مراعي طبيعية، تُقدر مساحتها بـ118 مليون فدان، فضلاً عن معدل أمطار سنوي يزيد عن 400 مليار متر مكعب.