يس عمر يكتب : انعقاد شورى المحلول
الخرطوم | جوال الخير
- بعد أن أطاحت ثورة ديسمبر المجيدة في العام 2019 بنظام حزب المؤتمر الوطني وتم تشكيل حكومة من مجموعة أحزاب الحرية والتغيير برضى الثوار كان لزاما على حكومة الثورة أن تقوم بثلاثة واجبات :
أولا : العمل على إيجاد معالجات اقتصادية عاجلة لأن هذا هو السبب الرئيس لاندلاع ثورة ديسمبر المجيدة بالدمازين وعطبرة إضافة إلى الأزمة الخانقة في الوقود وانعدام السيولة في البنوك لمدة تجاوزت الثلاثة أشهر على التوالي.
ثانيا : إحقاق السلام في ربوع السودان لأن النظام الذي ثار عليه الناس لديه أعداء يحاربونه بالسلاح وبسقوطه انتفت أسباب الحرب بيد أن ثاني شعارات الثورة المجيدة هي السلام.
ثالثا : رد السلطان بعد إسقاط النظام للشعب ليختار من يمثله بالطرق الشرعية والديموقراطية الحديثة ليختار من يحكمه وكيف يحكمه ببرلمان منتخب من الشعب.
- لو نظرنا على أرض الواقع هل حققت حكومة الثورة شعاراتها الرنانة وما خرج من أجله الناس :
أولا : المعالجات الاقتصادية التي وضعتها الحكومة الانتقالية ما زادت الاقتصاد السوداني إلا رهقا بل وصل سعر الرغيفة إلى 20 جنيه بدلا من 1 جنيه في أوآخر أيام الرئيس السابق المشير عمر البشير وقد تقف في سبيل الحصول عليها لساعات.
ثانيا : سنتان من عمر الثورة المجيدة ولم يكتمل ملف السلام ومن عجب لم يكتمل المكتمل إلا بعد إدخال بعض الاملاءات الخارجية..بل حتى بحجة السلام يراد أن يفرض على الناس في السودان الجديد بعض الأجندة الخارجية التي تخالف معتقدات 98% من هوية الشعب في انتهاك صريح لأولى الشعارات المجيدة وفي انتهاك واضح لثالث الشعارات ومخالفة مشينة لنظام الديموقراطية الحديثة.
ثالثاً : لم تفعل الحكومة شيئاً حتى الآن فيما يتعلق بملف الديمقراطية وانتقال السلطة، وتبقى للفترة الإنتقالية عامان ولم تتحدث الحكومة حتى الآن (مجرد حديث) عن الإنتخابات، والترتيب للانتخابات يحتاج لمجلس تشريعي لوضع قانون الإنتخابات ويحتاج لمفوضية وصندوق وإحصاء وترتيبات كثيرة تأخذ قرابة العامين، فيبدو أن قوى الحرية والتغيير وحكومتها لا يريدان ديمقراطية وانتخابات بل ويخشون منهما.
وتحتاج الإنتخابات أيضاً لإتاحة الحريات السياسية المفتقدة إلى يومنا هذا، حيث لا تتيح الحكومة لخصومها السياسيين ممارسة أي نشاط سياسي، ولا تغيب عن أذهاننا حملة الاعتقالات الممنهجة بلا منهاج التي قامت بها الحكومة منذ توليها زمام البلاد، فكان اعتقال د.محمد علي الجزولي رئيس حزب دولة القانون والتنمية واعتقال معمر موسى رئيس الحراك الشعبي الموحد “حشد” واعتقال الناشط السياسي ميخائيل بطرس واعتقال الشيخ الطيب وآخرين فكانت البلاغات الكيدية مسكول للحرية وبلاغ للرأي العام.
رابعا : في عجل اعتبرت حكومة الثورة الانتماء إلى المؤتمر الوطني أو كونك “كوز” هذه جريمة يعاقب عليها القانون وبموجب هذا الاعتبار الذي نراه بلسان الحال لاسيما بالاعتقال التعسفي ومصادرة الممتلكات الخاصة دون تفعيل لقانون دستوري وتحري نزيه وتقيد للحريات بينما أن الجريمة بفقه المنطق تكمن في الاعتداء على المال العام أو الاعتداء على الآخرين ومنع حرياتهم أو… فنتج عن ذلك :
أولا : كل قيادات المؤتمر الوطني صارت أعداء لحكومة الثورة والمثل بقول “كان أخوك حلقو ليه بل رأسك”.
ثانيا : فقدت حكومة الثورة مناصريها من المؤتمر الوطني وشبابهم من الذين كانوا يتواجدون مع الثوار في محيط القيادة العامة للجيش وكانوا يرفضون قبل الثورة المجيدة الفساد والتجديد للبشير لفترة رئاسية أخرى وتنصوا من الاستظلال بمظلتهم.
ثالثا : ذبحت حكومة الثورة نفسها بإبعاد أكثر من 9 ألف من الخدمة المدنية بحجة تم تعيينهم في فترة النظام السابق فصنعت أعداء من العدم وكان يمكن لها أن تراجع طريقة تعييناتهم ومستوى الكفاءة عندهم وتستبدل الغير مؤهلين بحكومة الكفاءات بزعمهم.
- قرار حل المؤتمر الوطني لا أقول باطل وهو الرأي الأقرب لكنه جانب الصواب وإن يعملوا على مرئ من الناس خير لهم وللناس فعضوية المؤتمر الوطني ليست كعضوية بقية الأحزاب، ليسوا كعضوية حزب البعث العربي أو المؤتمر السوداني فهو حزب حاكم لثلاثة عقود واستبعادهم من المشهد السياسي بهذه الصورة الساذجة أمر مستحيل وعلى الثوار الأماجد وملوك الاشتباكات (ملح البلد ) أن يفهموا الشرعية القانونية وفقه المنطق والممكن لا شرعية الاشتباكات، ومن يصلح الملح إذا الملح فسد.