بشارة جمعة أرور يكتب: لا جدوى من المخادعة

متابعات/ الرائد نت

حسب المؤشرات التي يمكن قياسها ليست هناك جهة في الساحة السودانية تصدق عليها حالة فقدان البوصلة السياسية أكثر من تلكم الفئة التائهة بين العنتريات المطلوبة للإستهلاك السياسي الداخلي والإضطرار للإذعان للإرادة الخارجية. وما من أمر فضح هذه الحقيقة في صورة كاركاتير مُسيء ومضحك في ذات الوقت أكثر من موضوع الخلط الواضح للجهات التي تدعي التسهيل تارةً والتوسط تارةً أخرى وهي تمارسة الألفوية وتشرف على الأوركسترا بقيادة الجوقة لإستلام إدارة شؤون الدولة على النحو الذي يمكنهم من تنفيذ الأجندة وتطبيق المخططات.
ويبين المشهد السياسي الحالي صورة الفئة أو المجموعة الإطارية وهي تبذل جهداً مضنياً لحلحلة حبل الحرج الذي لفته حول عنقها آنئذ ومن الواضح أن المعركة الأساسية هي معركة حفظ ماء الوجه رغم عدم الصدقية الناتج عن الإمعان في مخادعة الرأي العام، والإمعان في المخادعة كثيراً ما يفضي إلى خداع الذات خاصة عندما تنبني هذه المخادعة على إفتراض غباء غير مبرر لدى المستهدف وهو الرأي العام. ويبدو أن الواجهات التي تعتبر أبواق لسياسات تلكم الفئة قد أصبحت أحد أهم أسباب مشكلة صدقيتها…
وهذه الواجهات ما أن تلتقط أول إشارة حول أمر ما حتى تتبارى في المزايدة أو رفض الأمور المنطقية متجاوزةً في غالب الأحيان حدود المعقول وهذه المزايدة علاوة على أنها تعطي جرعات زائدة للرأي العام حول المواقف الحقيقية، فإنها تحمل بعض المسؤولين للأسف على ركوب موجات الغرور والوهم، وإطلاق تصريحات غير منضبطة تشكّل حرجاً بالغاً أمام الحساب العقلاني للأمور عندما تحين لحظته وهذا بالضبط ما يجري اليوم.
إِنَّ الذِّكرى تنفعُ المؤمنين لذلك نذَكِّر الناس بواجهات التطبيل وصناع الأوهام، وكيف أقامت واجهات التطبيل الدنيا وملأت الشوارع بالضجيج والشعارات وهي تلعن وتشتم كل مخالف في الرأي والفكر، ولكنها أباحت الرذيلة و…. و… إلخ.
ولم يكلف أحد منهم نفسه عناء الإعتذار للشعب السوداني ولمن أسئوا إليهم…، تباً إذاً لمن فقدوا الحياء بعد أن عز عليهم الوقار بالرغم من جلال أسماء الواجهات التي يتمترسون خلفها.
وحتى لا تجرفنا عجائب تلك الأجسام السرطانية بعيداً، نعود إلى موضوعنا ونقول أن لا جدوى من المخادعة وأن المزايدات غير العقلانية في رفض الجلوس مع الآخرين لن تثمر سوى المزيد من التعقيد للواقع والمشهد السياسي ولن تقف بالأمر عند حد التقديرات السياسية وإنما ستقود إلى مفاجأة كبيرة، لأن هذا الوطن لا يمكن أن تهيمن عليها فئة أو مجموعة طالما جعلت من قضية إدارة الفترة الانتقالية مدخلاً للتدخلات في شؤون البلاد حتى صارت الثلاثية والرباعية لا تفوتهما شرف الدخول في ماراثون المزايدة فطفقا يخصفان على أفعالهما بالتغريدات والتصريحات الداعمة لتكريس هيمنة تلك المجموعة…
ومهما يكن من شيء فإن هذه الفئة التي تسعى مرة أخرى لتتسيد المشهد بعد أن كبلت نفسها بقيود شعارات اللاءات الثلاثة المعززة بالأيمان المغلظة وإستخدام الفيتو ضد الآخرين سينتهي أمرها إلى الفشل مرة أخرى وهذا ديدنها، فلا يجدي اليوم الإلتواء ومخادعة الرأي العام لإثبات إتساق المواقف.
ولن تحملهم الورش ولا السمنارات أو مساندة الخارج إلى سدة الحكم والسلطة والسيطرة على المشهد السياسي دون الوصول إلى التوافق الوطني، ولو أطبقت السـماء على الأرض.

التعليقات مغلقة.