بشارة جمعة أرور: مازالت هناك فرصة أخيرة للحفاظ على الوطن ونخشى من الآتي..

متابعات/ الرائد نت

تحدي الحفاظ على الوحدة الوطنية

أيهما نحتاج في هذه المرحلة ؟!

تمر على الأمم أحياناً تحديات تفرض عليها مهام يبدو إنجازها ضرباً من ضروب المستحيل ولكنها تحول بالعزيمة ما يبدو مستحيلاً إلى واقع محقق فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم كما قال الشاعر.
وتقف الأمة السودانية اليوم في مواجهة تحدي الحفاظ على الوحدة الوطنية لما تبقى من الوطن بعد إنفصال الجنوب فصار دولة ( جنوب السودان). ونخشى أن يتكرر ذات السيناريو…،وإذا حدث سيكون الرسوب التاريخي بعينه في هندسة بناء الأمة السودانية وتلك مسؤولية ستتحملها النخب السياسية بالدرجة الأولى والتي أدمنت الفشل بل وإعادة إنتاجه مرات ومرات دون خجل.
ولكن رغم عظم التحدي وصعوبة المهمة تبقى هناك فرصة أخيرة لتعويض ذلك الإخفاق التاريخي المزري، بيد أن الأمر يتوقف على العزيمة وقبل العزيمة الوعي إذ أن الوعي هو وقود العزيمة وهذا يحتاج إلى التسامح لأن التسامح من صفات أولي العزم الواثقين كما أنه يشكل مصدر قوة بتجاوز الإساءة ويصبح المسامح كريم لأنه يحس بلذة العفو ، وبذلك يرتقي إلى مراتب الإباء والشموخ،أَمَّا الإنتقام تتجلى عبقريته في تنفيذ أقبح أنواع التشفي فيشعر منفذه بحلاوته توهماً قبل وقوعه، ولكنه سُرعان ما يشعر بمرارته بعد تنفيذه…! فالإنتقام قد يشفي الغليل ولكنه لا ولن يخلق مشاعر إيجابية،بينما التسامح يخلق التصافي للنفوس والتصالح بين الناس فيتحقق بذلك التسامي فوق المرارت والجراح فيتحقق التعايش السلمي والسلم الإجتماعي في نهاية المطاف.
إذاً أيهما نحتاج التسامح أَمَّا الإنتقام في هذه المرحلة ؟!
أوليس من المنطق والعقلانية أن نُجري نقاش موضوعي وحوار عقلاني جاد لنجتاز به العقبات والتعقيدات المصتنعة في هذه الفترة الإنتقالية بطريقة سلسة حتى لا يتحول الأمر رُويداً رُويداً إلى صراع متبادل من أجل السيطرة والهيمنة لفرض مصلحة فئة ضد أخرى.
وهذه المسألة كانت ومازالت تحددها صراع الأيدلوجيات وتحالف الفئات والبيوتات التي تربطها المصالح الاقتصادية والصراع على السلطة والموارد بألوان وأشكال متعددة في المجتمع.
واليوم هنالك مشاعر قوية للإنتقام بين الفرقاء في الفكر والخُصَماء في السياسة( القوى التقليدية نموذجاً ) التي ما فتئت تسعى جاهدة للنيل من الطرف الآخر ولو بتصيد الأخطاء والثغرات وتلفيق الإتهامات وإن كانت هفوات غير مؤثرة…وكل ذلك سببه عبادة الأصنام والأوثان السياسية…
وهنا دعونا نطرح سؤال جوهري وموضوعي، هل نحن مختلفون حقاً أم نتصنع الإختلاف حول المشكلة ونعمل لتطويرها…؟! الأفضل للجميع تحديد المشكلة وأسبابها وسعي لإيجاد الحلول الممكنة لها، لا إشعالها وتطويرها إلىأزمة.
إذاً مشاكل البلاد اليوم ليست في مسمّى المعالجات بالتسوية أو الإتفاق، وليست النصوص والبنود الواردة محل خلاف كبير وإن كان بها بعض ملاحظات.
إن المشكلة الحقيقية هي:( فترة انتقالية دون حاضنة سياسية، والصراع حول كيفية إدارتها) فالكل يحاول أن يستقل هذا الصراع السياسي ليستمر في السلطة لأطول فترة ممكنة أو يعرقل الأمور…، وهذه تسمى بأزمة الصراع حول السلطة بينما يعيش الشعب حالة تنميط التفكير وتغييب العقل المفتوح الفاحص والمتقد الناقد،لصالح إجترار الأفكار البالية التي تجعلهم مجرد كائنات نمطية محكومة بالتقليد الأعمى دون وعي وإدراك بآراء الآخرين فيرددونها بكل سَذاجة وسطحية ويزعمون أنها آراؤهم…، وهكذا يتم تدجين عقول الأجيال الجديدة بمفاهيم وبرامج قوى سياسية هزيلة واهنة العزم، ومرتكزاتها الفكرية الخائرة…

الوحدة غايتنا السامية والعدالة قاعدة حكمنا، والسلام أساس لإستقرار الحياة والحرية قيمة نبيلة توفر مساحات الإنفتاح والإبداع للمجتمع وعلى رأسه الشباب.

(حرية-سلام وعدالة والوحدة خيار الشعب)

التعليقات مغلقة.