إقبال الشباب على عيادات التجميل في السودان يثير جدلا واسعا
متابعات/ الرائد نت
البعض يعتبر أنه يمس هيبة الرجال وآخرون يؤكدون أن هذا الأمر ليس حكراً على النساء
في الماضي كان الرجل السوداني يعارض كل ما يتعلق بالتجميل، ويعتبره حكراً على النساء، إلا أنه أخيراً أصبحت ظاهرة التجميل منتشرة في السودان ويلجأ إليها مئات الشباب في الخرطوم، وقد أصبحت العيادات تستقبل الشباب يومياً لعمل جلسات تنظيف البشرة والشعر، وحتى حقن التبييض.
استنكار المجتمع
إقبال الشباب الواسع على المنتجات التجميلية وعيادات التجميل لم يحظ بقبول المجتمع الذي لا يزال في غالبيته يعتبره “أمراً غير مقبول ويمس هيبة الرجل”، لا سيما مع انتشار العيادات بصورة صريحة وقانونية، لكن الصيدلانية وخبيرة التجميل ميشو التجاني لها رأي مختلف، إذ قالت إن “التجميل لا يقتصر على البنات فقط والمظهر الخارجي يجب أن يكون جيداً لدى الجنسين. وهنالك حالات لدى الشباب مثل حب الشباب والندوب تسبب لهم إحراجاً بالغاً، لذلك يجب أن يحصلوا على علاج لهذا الأمر والمتابعة بصورة مستمرة مع الأطباء المتخصصين”.
وعن عدد الشباب الذين تستقبلهم قالت التجاني، “أستقبل في عيادتي عدداً كبيراً من الشباب للحصول على جلسات للعناية بالشعر والبشرة، والتي لا بد من الاهتمام بها ومعالجتها. وهناك أشخاص يعانون أموراً بسيطة، ويأتون لجلسات توحيد لون البشرة، وهذا الأمر غير مقتصر على الشباب، بل هنالك رجال أعمارهم كبيرة من رواد العيادة أيضاً”.
وعن مدى تقبل المجتمع السوداني لهذه الظاهرة المتنامية قالت التجاني، “أعتقد من الجيد الاهتمام بالشكل الخارجي، فهنالك حالات تأتي لتخضع لجلسات تنظيف البشرة وحقن مادة الفيلر. لماذا لا يتقبل المجتمع السوداني هذا الأمر، في حين أن الممثلين والمشاهير والمهتمين بالموضة في جميع أنحاء العالم يقومون بذلك، ولا يتعرضون للانتقاد”.
مجرد هوس
وفيما يتقبل عدد كبير من المجتمع السوداني اعتناء الرجال بمظهرهم بصورة معقولة، إلا أن البعض يعتبر أن “الأمر تخطى المقبول وأصبح هوساً يلازم الشباب”. وقال اختصاصي الأمراض النفسية سهيل خضر، إن “اعتناء الشباب بمظهرهم أمر عادي، كما أن النظافة جزء من الإيمان، ويجب ألا يقابل الأمر باستغراب أو استنكار لأننا في زمن الاهتمام بالمظهر والأناقة، حتى في العمل يتم الاختيار بناءً على المظهر الذي يضيف إلى رصيد الشخص”.
ويتابع خضر، “الأمر يصبح خارجاً عن المألوف عندما يتحول إلى هوس، وهذا يطبق على كلا الجنسين، سواء كانوا فتيات أو فتياناً، ويندرج تحت مشكلات نفسية خطرة أبسطها عدم الثقة في النفس والاضطرابات النفسية، ولكن يصبح الأمر غير مقبول عندما يمس بهيبة الرجل لأن الرجل بطبيعته فيه شيء من الخشونة في مظهره، وهذا طبعاً لا يتعارض مع النظافة”.
وعن الضغوط المجتمعية التي يتعرض لها الشباب الذين يغيرون بمظهرهم، قال خضر، “الشباب عادةً يلجأون إلى تفتيح لون بشرتهم من خلال حقن التبييض نتيجة ضغوط مجتمعية كبيرة يتعرضون لها. في السابق كانت الفتاة هي التي تتعرض لضغوط مثل هذه، ولكن في الوقت الحالي أصبح الشباب أيضاً يطلب منهم أن يكونوا بمظهر معين للقبول في وظائف معينة، خصوصاً في مجال الإعلام وفي المجالات الفنية الأخرى، كالغناء والتمثيل، وغيرهما”.
وعن كيفية التوصل إلى حل يرضي الطرفين، يرى خضر أن “المجتمع هو المسؤول الأكبر عن كل تلك المشكلات التي يمر بها الشباب، وخصوصاً في سن المراهقة، لذلك يجب أن يعي المجتمع أن الاختلاف أمر طبيعي وموجود في كل الشعوب، ويجب معاملة الشباب بلطف أكثر وعدم وضعهم تحت ضغوط قد تخلق لديهم حالات نفسية، قد تقودهم لتعريض أنفسهم لخطر تغيير لون بشرتهم عن طريق استعمال حقن التبييض أو إجراء عمليات جراحية أخرى أكثر تعقيداً”.
“نجوم المجتمع”
وبدأت الظاهرة تنتشر بين نجوم المجتمع، وخصوصاً الفنانين، إذ ظهر في الآونة الأخيرة عدد منهم ببشرة أكثر بياضاً من الماضي ويحملون ملامح مختلفة. وفسر عدد كبير أن هؤلاء الفنانين قاموا بتغيير أشكالهم عن طريق حقن التبييض.
فنان حجب اسمه أكد قائلاً، “أقوم باستعمال مجموعات لتوحيد لون البشرة وأخرى لإعطائها لمعاناً، وذلك لأنني أوجد في المناسبات دائماً وأظهر على التلفاز، لذلك يجب أن أظهر بمظهر لائق، ولكن لم أصل إلى مرحلة الهوس ولا أستعمل إبر التبييض، ولكن أعرف عدداً من الزملاء في المجال يقومون بهذا، وبعضهم صرح ذلك علانية وتعرض لهجوم كبير، لذلك أنا أخفي أمري حتى لا ينبذني المجتمع”.
وفي سياق متصل، قال صاحب أحد المحال في الخرطوم أحمد ناصر، إن “رواد المحل أغلبهم من الشباب، وأقوم بإعداد وصفات لتبييض البشرة وتوحيد لونها، ويأتوني من جميع أنحاء العاصمة”.
ويضيف ناصر، “يجب أن يتقبل المجتمع فكرة أن الشباب أصبحوا يواكبون التغيير الكبير الذي اجتاح العالم، وتوجد في دول أخرى مسابقات لملك جمال الرجال. لماذا يقوم المجتمع السوداني بمحاربة الجمال؟”.
جريدة اندبندنت البريطانية
التعليقات مغلقة.