عثمان ميرغني يكتب: عمودية السودان
متابعات/ الرائد نت
سمَّوها عمودية.. نظارة .. شياخة، لكنها ليست دولة بأي حال من الأحوال، فالذي يشاهده ويشهد عليه شعبنا الآن لا يمكن أن يكون سلوك دولة أو يحمل شيئاً من سماتها..وإذا لم ينته هذا العبث الصبياني فسيخر السودان سريعاً صريعاً بأيدي أبنائه.
لا استنثني أحد، كل المشهد السياسي الراهن موغل في الجهالة السياسية، كل طرف يبحث عن نصر يفضي لإلغاء الآخر، حتى ولو كان هذا النصر على جثة الوطن بكل أسف.
والذي يزيد من قتامة المشهد، أن الشعب السوداني النبيل بعلم أو بدونه يساعد على ترسيخه، فنظرة سريعة على وسائط التواصل التي تعتبر واحدة من أدوات المجتمعات الحديثة في التعبير عن نفسها وتطلعاتها، تكشف أن الجميع مشغول بتشجيع فريق ضد آخر بنفس الحماسة التي تمارسها الجماهير في ملعب كرة القدم، تهتف وتتشنج مع فريقها لا مع مصالحها، فالشعب السوداني منقسم على نفسه بلون فانلة اللاعبين السياسيين لا ببصيرة المصالح القومية العليا، ويستثمر الساسة حالة التناصر هذه في إهدار الوقت والعمر الوطني للبلاد في صراعات لا تنتج قمحًا ولا خبزًا.
اللعبة السياسية الجارية -حالياً- ليس فيها حساب الزمن ولا يحكمها معيار يحدد مقياس النجاح أو الفشل، في وقت يكابد فيه كل مواطن سوداني مهما كان وضعه المالي، فالأثرياء يعانون الآن ربما بأكثر مما يعاني الفقراء، كون الأثرياء أعمالهم أكبر فهي تتأثر أكثر، والفقراء المغلبون على أمرهم يبيعون أصولهم، بل حتى بيوتهم على تواضعها ويحملون الدولارات القليلة التي تدرها عليهم ليبحثوا عن وطن بديل.. شقيقتنا الكبرى مصر تتحوَّل -حالياً- عبء قرابة خمسة ملايين سوداني، ما باتوا عابرين أو سيِّاحاً، بل مقيمين بصورة أقرب للمواطنة، و المدارس الخاصة السودانية هاجرة إلى مصر لتستوعب عشرات الآلاف من أبناء الأسر السودانية التي تبحث عن التعليم.
هذا؛ فضلاً عن أفواج طالبي اللجوء الطبي، الذين تبعثوا على كل بلاد الدنيا وأحياناً لعلل خفيفة سهلة، فالعلاج في السودان باهظ التكاليف مع سوء الخدمة وشح الدواء.
ومع ذلك الأمر في يد الشعب السوداني أن يحسم هذا الصراع العبثي.. أن يجعل لميدان كرة القدم السياسي مرمى للتهديف.
بصراحة إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه.. فالجذرية هي الحل.
التعليقات مغلقة.