بشارة جمعة أرور يكتب: قبل الفوضى الخلاقة المحمولة

متابعات/ الرائد نت

تأملات مؤلمة في واقع مرير

يا أهل السودان كفاكم خزِي وعار، بل يكفي فضِيحة وعيب أن تدير شؤون الدولة السودانية سفارات وبعثات وعملاء…لا يعقل في القرن الواحد وعشرين أن تسيطر علينا قنوات وفضائيات دول ومجتمعات نحن من ساهم في بنائها وتطويرها حيث كنا وقتها الأكثر تطوراً و تقدماً طبقاً لاختلاف الظروف ودرجات تطور البشرية في مسيرتها الطويلة…، واليوم نحن نتعثَّر بأذيال فستان الفترة الانتقالية وقد بلغت البشرية مرحلة متقدمة من النضج وتهيأت للعالمية…هل حقاً أصابنا العقم الفكري والتبلد السياسي أم أصبحنا في خانة البلهاء بعد أن كنا العقلاء والحكماء…
أفيدونا يا أيها القائمون على سدة الحكم وإدارة شؤون البلاد والعباد، لماذا يتدخل في شؤوننا كل مولود غضيض و دويلة خديجة أصغر ولاية في السودان تساوي ضعفها وهذه الدول والدويلات معلوم أنها تفتقر إلى أدنى قدر من الوعي السياسي ناهيك عن حرية التعبير و ممارسة الديمقراطية، وأولى الملاحظات التي لا تخطئها العين أنها محضن الطغيان السياسي بكل تجلياته من الحكم المستبد رغماً عن إرادة الشعوب وإهدار حقوق الإنسان والإستهتار بحكم القانون الذي لا يطال غير البسطاء والضعفاء من الناس.
أهذا هو السبب،التدهور الذي نواجهه بعد أن تراجعت قوة وهيبة الدولة وضعف الروح الوطنية مع إتساع دائرة النزاعات القبلية والعشائرية والجهوية والمناطقية البغيضة بدل التفاخر بالقومية..،والإنحدر الذي أصاب السودن في مقتل والان يقوده إلى الإتجاه المعاكس بسبب ممارسة العنف السياسي وإتساع رقعة التطرف الفكري وتدمير مسار التحول الديمقراطي…؟! فالأمم والشعوب العظيمة دائماً ما تواجه جلائل الأحداث في التاريخ بالتضامن و وحدة الصف وتقوية الجبهة الداخلية ببث روح التصالح والتسامح، لذلك ينبغي علينا نحن السودانيون أن نتخذ جلائل الأحداث التي تمربها البلاد كمحطات للتدبر في واقعها ومعايرة أحوالها بالقيم والمبادئ التي تجسدها تلك الأحداث أو ترمز إليها وبذلك نتجاوز حالة الاحتفاء بها من حيث الشكل إلى المضمون.وما أحرانا اليوم ونحن نواجه الأزمات والتحديات أن نتجاوز المظهر إلى الجوهر،ونترك التناحر ونتجه نحو التعاون.
وما أحوجنا للتدبر في واقع حالنا وقد أضحى الوطنية والحرية والسلام والعدالة مجرد شعارات تلعقها الألسنة وتتخذ هذه الشعارات في كثير من الأحايِين جُنّة لإهدار القيم وجوهر التغيير والتحول لتحقيق العدل والمساواة بين مكونات المجتمع والمحافظة على الطهر وصون كرامة الإنسان.
كيف لا نقف مع الذات للمراجعة تقييماً وتقويماً للسلوك والقيم وقد تداعت علينا الأمم كما الأكلة على قصعتها لا لشيئ سواء انحرافنا عن الحق و جادة الطريق.
إن المتأمل في الواقع السياسي والاجتماعي الذي يعيشه السودان اليوم لهو أمر مؤلم حقاً إذ لا يمكن بمثل ممارسات النخب السياسية هذه أن نقدم نموذج ديمقراطي مقنع للشعب السوداني، هل يعقل أن نظل متخندقين خلف الأنماط التقليدية، في وقت توصل فيه العقل الإنساني لكثير من المبادئ السامية في الحرية،السلام والعدالة وحقوق الإنسان التي توافق جوهر الدين الإسلامي في حين تجافيه الممارسات التي تتم بإسمه حيث أن المشكلة في الإنسان وفهمه للدين وليست العكس.
وإنها لحكمة بالغة تلك التي ينطق بها المثل الشعبي الشائع ” حلاً باليدين ولا حلاً بالسنون “. والمعنى المراد واضح وهو ضرورة معالجة الأمور باليسر والمتاح في حينه بدلاً من تفويت الفرص، ثم الاضطرار بعد إستفحالها لعلاج العسر ولات حين مناص. وما أكثر القضايا التي ينطبق عليها مغزى هذا المثل في واقعنا السياسي اليوم وفي صدرها قصة التسوية السياسية وما أدراك ماهي…؟!
ساوا صفوفكم وسدوا الفرج قبل حدوث الفوضى الخلاقة المحمولة فتغير مسارات الأحداث…

التعليقات مغلقة.