بشارة جمعة أرور يكتب: المطابخ المظلمة وضيق الأفق

متابعات/ الرائد نت

المطابخ المظلمة وقصر النظر وضيق الأفق

الضامن الحقيقي هو الله والضمان والتأمين السياسي بيد الشعب السوداني لا بيد الأجانب، فماهي دواعي العزف الساخب على أسطوانة التسوية الثنائية المنبتة وإستمرار مفاوضات الغرف المغلقة في الظلام ؟!
نشاهد ونسمع هذه الأيام مغالطات ومماحكات وأحياناً إنكار لما تم… وكل ما ذكر يؤكد اختلال موازين السلطة والقوة وذلك يهدد التماسك القومي والسلام الاجتماعي ويفتح باباً واسعاً للمزايدات السياسية والمزيد من التدخلات الأجنبية في هذه المرحلة الحرجة.
وأي محاولة لتغييب إرادة الغالبية، وترك الأمور الأساسية للقلة وفق أساليب ملتوية بعيداً عن الوضوح والشفافية ستفجر الأوضاع بلمح البصر…
و معروف للقاصي والداني أن التاريخ السياسي والواقع الماثل في السودان ليشهدان بأن مفردات اللغة و العبارات المعلبة في الخطاب السياسي كثيراً ما تستخدم خلافاً لمدلولاتها الموضوعية بل عكسها تماماً خاصة عندما يغيب المنطق السليم في مواجهة خصوم السياسة في تناول القضايا الخلافية ببعدها الموضوعي والإستراتيجي، وغالباً ما يستعاض عنه بالأسلوب الداعائي الذي ينحو لتزكية الذات و أبلسة الآخر…إن هذه النماذج تدل بوضوح على أن معظم ما يتفوه به بعض السياسيون و قادة الرأي العام عبارة عن اِزدِراء ينم عن تصرفات شخصية مريضة بحالة نفسية مُمْتلِئٌة زَهْواً بلا وعي سواء إستخدمت تزكيةً للذات أو إتهاماً للآخر…، وهذه الحالة في كثير من الأحيان محاولة غير موفقة للتغطية على خليقة غير محمودة ولوثة عقلية بغيضة، وفي أحيان أخرى يعتبر أسلوباً لصرف الأنظار عن القضايا الحقيقية التي لا يراد لها التناول والنقاش الموضوعي أو تداولها على أوسع نطاق ممكن وذلك لعوز المنطق و ضعف الحجة وهكذا تبدو نتائج المطابخ المظلمة وقصر النظر وضيق الأفق…
في تقديرنا هذا هو مبعث التهكمات والمهاترات التي لا يستطيع مثيروها تقديم أي شيء خلاف ذلك فكل إناء بما فيه ينضح.
ومهما يكن من شيئ فإن كشف التناقض الفاضح في مواقف المنظومة الحاكمة والسلطة قائمة، غاية في الأهمية لا لحملها على الاعتراف والاعتذار لما تم من تسوية أو إتفاقية سرية في الظلام، وإنما دفاعاً عن الحق والتاريخ ضد التضليل والتزييف…إن التاريخ إذا سجل بصدق فإنه محكمة عادلة للغابرين وسِفر قيِم للمعرفة والاعتبار للاحقين مصداق قوله تعالى:( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ)صدق الله العظيم.
فالاعتراف بالخطأ فضيلة تتطلب شجاعة معنوية وصدقاً مع النفس لن نعبر إلى ضفة الاستقرار إلا عبر التوافق الوطني، لذلك التسوية غير مرحب بها لأنها إتفاق وحل وسط بين أطراف الخلاف لحفظ مصالح محدودة والمساومة ابتداء مرفوضة لأنها إتفاق لتبادُل منافِع أو اقتسام لمغانم من دون الاهتمام بأية مبادئ أَخلاقِية أو وضع اعتبار للمصلَحة العامة.

التعليقات مغلقة.