منى أبو زيد تكتب: الشعب لايريد
متابعات/ الرائد نت
“نحن شعوب تبحث دوماً عن القادة الشرفاء لكنها ما أن تجدهم حتى تفسدهم بالإذعان وتغرقهم بالدلال، ثم تلومهم بعد ذلك على كونهم بشراً خطائين يتأثّرون فيتغيّرون”.. الكاتبة..!
(1)
شعوبنا ببساطة هي التي تؤله سادتها المسؤولين وساستها الحاكمين، بإصرارها الموروث على اعتبار السلطة “في حد ذاتها” مبرراً معقولاً لابتلاع معظم قضايا الفساد، وازدراد كل حوادث التجاوز ومواويل التقصير. هذا الفهم الخائب يتعمّق مع نشأة المواطن ويتراكم وفقاً لمعدلات ساعات جلوسه أمام شاشات الإعلام الموجَّه الذي يسبح دوماً بحمد سادته المسؤولين، ويجتهد في تبرير أخطائهم ويستميت في تزيين زلاتهم وهفواتهم. فلا يأخذ المسكين في خاطره أبداً من ظهور بعضهم بأمزجة مُعتكرة وهي تمتن عليه بكثرة الأعباء والمسؤوليات، ولا ينزعج مُطلقاً من تكرار بعض الوجوه التي تنذره بسُوء العاقبة على أفعال ترى أنه قد يفكر في ارتكابها..!
(2)
هل يكفي أن تتغيّر الأنظمة؟. هل ينجح الإحلال في مقاعد الساسة إذا لم يتحقق الإبدال في قناعات الشعوب؟. لا أعتقد، والشواهد كثيرة. بعد انتصار الثورة المصرية، أذن المواطنون للسيد عصام شرف بتخطي الصفوف للإدلاء بصوته، تقديراً منهم لمشاغله الجمة كرئيس وزراء. وفي تونس تكرّر ذات المشهد أيضاً في أعقاب ثورة عندما وقف السيد راشد الغنوشي للإدلاء بصوته، وحاول بعض المواطنين مساعدته على تخطي الطابور الطويل “كالمعتاد” لولا أن قاطعتهم هتافات بعض الغاضبين الذي لم يكن مبعث غضبهم تجاوز الطابور بل انتهازية عودته إلى البلاد – في ذلك التوقيت – بحسبهم. وكذلك الحال مع شواهد مماثلة عديدة في سودان ما بعد الثورة. ويبقى الشاهد من هذا المثال أو ذاك هو سلوك المواطن الذي لم تتغيّر طبائعة التي تميل إلى الإذعان حتى في أيام عرس الديمقراطية..!
(3)
الثورات التي أطاحت بالأنظمة الحاكمة في السابق لم تتمكّن من تغيير كبوات السلوك الجماهيري الانكفائي الذي لا يريد أن يفهم الديمقراطية كمبدأ وأسلوب حياة قبل أن تكون نظاماً للحكم. فلمواطن الذي قاتل من أجل الثورة، قد يتنازل ببساطة عن حقه في التزام المسؤول بدوره في صف الانتخابات، والمسؤول الذي تنعقد عليه الآمال لغد سياسي أفضل قد لا ينسى ما نشأ عليه من أفكار خاطئة حول مفهوم السلطة، لذا فهو لن يُغيِّر سلوكه بلمسة زر. فالله سبحانه وتعالى – بطبيعة الحال وفصل المقال – لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..!
(4)
لا تقبل بأن تكون جزءاً من أي شيء لا تفهمه جيداً، ولا تدرك بوضوح تبعاته المترتبة عليك وعلى كامل المشهد المحيط من حولك. لا تسمح لأحدهم باستغلال وحدة الموضوع – أو الهدف – لاستخدام مجهودك وضبط إيقاعك على النحو الذي يخدم مصالحه، فإن تغيّرت المصالح تنكّر لك، وتخلى عن دوره في ضبط الإيقاع. هذا البلد بحاجة إلى ضابط إيقاع أكثر من حاجته إلى قادة السياسة وأباطرة الأحزاب. وحتى يمن الله عليه بذلك – أو أنه قد لا يمن لسبب يعلمه سبحانه – كن أنت زعيم نفسك وقائد مطالبك، وضابط إيقاع طموحك الديمقراطي..!
التعليقات مغلقة.