عثمان ميرغني يكتب: (دع التربية لنا واستمتع بالأبوة)..
متابعات/ الرائد نت
في حافلات النقل الجماعي –زمان- بالشقيقة السعودية عبارة جميلة تبعث على الراحة النفسية تقول (دع القيادة لنا واستمتع بالرحلة).. والفكرة أن كل المطلوب من الراكب أن يسترخي ويتمتع بالنظر من نوافذ الحافلة وهو في أيد أمينة تقود الحافلة بسلام وسلاسة..
أمس بدأ عام دراسي جديد في التعليم العام بالسودان، وهي “ضربة”!!! بداية على رأس كل أسرة سودانية ” ما عدا الساسة”،
لأن بداية العمل الدراسي تعني سلسلة من المطلوبات تحقيقها أقرب للمعجزة.. ومن اليوم الأول تبدأ قائمة مصروفات يومية حتمية خارقة، المواصلات ، الفطور، وغيرها.. ومن فرط قسوة الظروف الاقتصادية فضلت كثير من الأسر حجب الأبناء عن المدارس، ليس بسبب الرسوم الدراسية بل لدم توفر حتى مجرد ما يكفي للمواصلات ذهاباً وإياباً من المدرسة ، التي قد لا تبعد إلا بضع كيلومترات..
الوضع صعب للغاية، والأسر التي استطاعت بشق الأنفس تدبير احتياجات أبنائها ربما على حساب كثير من الحتميات الأخرى، فهي في النهاية عملية “اعجازية” خارقة تتعدى تماماً قدرات المواطن السوداني العادي.. ما عدا الساسة..
في الجمهورية الثانية للسودان، عندما تنقشع السحابة التي تحجب الضوء حالياً عن البلاد وتشرق شمس دولة موفورة القوام بمؤسساتها القوية القادرة.. فإن شعار الحكومة يجب أن يكون (دع التربية لنا واستمتع بالأبوة).. تتولى الحكومة الانفاق بكرم حاتمي على الطفل من لحظة ثبوت تعلقه “علقة” في رحم أمه.. فتوفر الرعاية الصحية للأم، ثم أفضل رعاية للولادة، ومن لحظة صرخة الرضيع الأولى، يبدأ مشوار الحكومة في توفير البيئة والرعاية الصحية والغذاء بأفضل درجة..ثم التعليم عندما يبلغ مرحلته الباكرة في “الروضة” ويستمر الإنفاق الرسمي الى أن يتخرج من الجامعة.
الطفل الذي يكبر ويدخل كلية الهندسة ويتخرج مهندساً، لن يهندس بيت أبيه أو خاله أو عمه ولا كمبيوتر أمه… والطفل الذي يتخرج طبيباً لن يعالج أهل بيته وحدهم.. بل ربما لا يمر عليه في المستشفى طوال عمره أحد من أهله..
بهذا المنطق فالطفل ليس استثماراً خاصاً بالأسرة، بل استثمار الوطن لأن عطاءه وعائده يظلل الوطن كله.. فالطبيب خدماته لكل الوطن بل حتى الأخرين من غير بني وطنه..
و يرتفع العائد على الوطن من أبنائه كلما أغدق في النشأة المثلى لهم..
من الحكمة أن نرفع شعار (دع التربية لنا واستمتع بالأبوة).. والأبوة فعل مطلق يشمل الأمومة أيضاً..
التعليقات مغلقة.