عثمان ميرغني يكتب: كفاية .. كفاية..
متابعات/ الرائد نت
في حوار على شاشة “الجزيرة مباشر” قال الأستاذ وجدي صالح أن أحزاب قوى الحرية والتغيير لا ترغب في الحكم والسلطة، حتى لا يظن أحد أنها تطمع في الاستئثار بمتبقي الفترة الانتقالية حال تشكيل حكومة مدنية..
هذا القول غريب للغاية، إن كانت الأحزاب لا تريد أن تحكم فما هي مهمة الأحزاب والساسة؟
وما معنى أحزاب لا تريد أن تحكم لكن بشرط أن تسيطر على من يحكم تحت لائحة “حاضنة سياسية” أو “القوى الثورية الموقعة على الإعلان السياسي” وغيرها من المفردات كالتي وردت في دستور نقابة المحامين الذي كفل للأحزاب – التي لا تريد أن تحكم- أن تشكل مجلس الوزراء ومجلس السيادة وتختار رئيس القضاء والنائب العام ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية ، ومع هذه كله هي (لا تريد أن تحكم)!!
الأحزاب والساسة مهمتهم الأساسية ممارسة الحكم والسلطة بل والسعي لامتلاك السلطة كونها المنصة التي منها تنطلق آليات تحقيق وتنفيذ البرامج – إن كان لها برامج فعلاً-.
للأسف الساسة أحياناً كثيرة يستخدمون عبارات لتسويق المواقف لايسندها منطق قويم موضوعي.. و لن تنسى الذاكرة السياسية السودانية كيف اجتهد الساسة في التسويق لحكومة المحاصصات الحزبية في عهد حمدوك (الحكومة الثانية) عندما وصموا زملاءهم في الحكومة الأولى بأنهم فشلوا لكونهم “تكنوقراط” لا يخشون على سمعتهم السياسية… ولا تسندهم أحزاب تحاسبهم وتضغط عليهم لينجحوا.. كان ذلك تبرير قدم على طبق من “وهم” للشعب السوداني ليوافق على المحاصصة الحزبية.
وعبارة (الأحزاب لا تريد أن تحكم) هي الأخرى تسويق لموقف جديد يسمح باستعادة السلطة من وراء ستار الوثيقة الدستورية المقترحة التي تجعل من في الواجهة مجرد لوحة مفاتيح لمن يملكون سلطة تعيينهم و إقالتهم..
من الحكمة أن يتولى الساسة والأحزاب الحكم جهاراً نهاراً بلا ستار، حتى يتحملوا المسؤولية عن ما يفعلونه.. من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.. لأن التخفي وراء لافتات أخرى بدعوى عدم المشاركة في الحكم ليس له سوى تفسير واحد هو الهروب من النتائج إذا كانت فشلاً – كما حدث في حكومة حمدوك الأولى- والفوز بالمغنم إذا كانت نجاحاً..
والآن الوقت لا يسمح بمزيد من طواحين الهواء العبثية، المطلوب حكومة مدنية تتسلم الحكم اليوم قبل الغد، لا يهم ممن تتكون، فالمطلوب منها تسلم الحكم ومن المكون العسكري ثم بعد ذلك لكل حادثة حديث..
وهذا ليس تمييعاً لمقاومة إجراءات ٢٥ أكتوبر ، بالعكس هذا منطق بناء القوة الموجبة لاستعادة الحكم المدني، فالسلطة أدوات وكل أداة تساعد في الإمساك بمزيد من الأدوات الأخرى..
من الحكمة أن ننظر لحال المواطن إن لم يكن حال الوطن كافياً للحسرة… فالمواطن العادي بات تحت خط الحياة تماماً… لا حي يرجى ولا ميت ينسى..
كفاية.. كفاية..
التعليقات مغلقة.