ياسر الفادني يكتب: قلبك ليه تبدل ؟

الخرطوم/ الرائد نت

الأسئلة الحيرى والبكاء على الأطلال هي سمة إتبعها الشعراء في نظمهم للشعر حينما تجود بهم قريحة الإقراض ، في علم النقد الأدبي تقسم هذه الأسئلة إلي قسمين ، سؤال حائر ربما يجيب عليه الشاعر بنفسه وسؤال حائر أيضا يبث فيه الكاتب حاله ويترك الإجابة للمتلقي ، لكن النوع الأول ينبع من إحساس صادق داخل أغوار الشاعر مريح له بعض الشييء أما النوع الثاني صعب عليه ، قلبك ليه تبدل؟ سؤال طرحه الشاعر النحرير محمد يوسف موسي ولعل له سبب ويصف حالة حيرى لكن لا يمتلك إجابة بل سار في موسيقي النظم الحزين واصفا حاله :
صد وليه تحول؟ ….أنا طول عمري مخلص …يا اخر حب وأول …

الراحل المقيم فينا الشاعر محمد يوسف موسى يعتبر من الشعراء المجددين لمفردة الأغنية السودانية اليانعة ورودا ، هو من رواد مدرسة الرومانسية الشعرية العجيبة ، سجل أكثر من 80 نبضا غنائيا مختلفا ألوانه ومتنوعا شرابه لذة وطعما ، يعتبر من الذين كتبوا كلاسيكيات الغناء السوداني الجميل لأكثر من ثلاثين فنانا من أبرزهم الفنان القامة الخالد فنا العندليب الأسمر زيدان ابراهيم ما كتبه شاعرنا القامة غنائيا إنداح فينا ألقا وروعة وفنا ، شاعرنا موسى ينتقي الكلمة العامية الجميلة والجذابة إنتماءا وتعصبا مباحا ، يلعب بالمفردات لعب الناطق بالأناقة اللفظية لعبا ، كيف لا ؟ وهو واحد من رموز الإبداع في بلادي وأظهر هذا الشكل الأنيق الشفيف عندما قال :
إيه الشفتو مني؟؟ غير حبي وحنيني ؟
وايامي القضيتا من عمري وسنيني
اعيد في جمالك ياملهم فنوني ….
وتواصل سرد عرض الحالة التي تمسكت باوصاله و التي نال منها البين :
إنت خلاص نسيت البينك وبيني
مابنساك وحاتك يا آخر حب وأول
وفاء عجيب وصدق في العواطف وتأكيد على مكانة العزيز في سويداء قلبه

الراحل المقيم محمد يوسف موسي يعد رمزا وعلما منيرا في سماء الإبداع الغنائي السوداني ، شعره يتسم ببساطة الصدق وحرارة البوح العاطفي ويسر الكلمات والمقاطع فأصبحت علي ألسنة المتلقين أكثر ترديدا :
قول وحيات عيونك !! …قول وريني مالك ؟
هل أنا جوا قلبك وعايش في خيالك
هنا يتجسد الوصف الراقي و الأسئلة التي يريد وبشدة الإجابة عليها
هل أنا جوا قلبك وعايش في خيالك ؟
وهل أنا لسه عندك حبيبك وكل آمالك؟
لا زال يردد ويكرر ويصف حاله بمفردة جميلة كل مرة ، وهنا التكرار يفيد التأكيد ويفيد بقاء العاطفة الراسخة الثابته التي لا تؤثر عليها زلازل الهجران ولا سيول الصد ولا زحزحة الذي رسخ وتمكن في الوجدان
مابنساك واحاتك ……يا آخر حب وأول

قلبك ليه تبدل تعتبر من أعذب وأطرب الأغاني التي رددها زيدان ابراهيم من ضمن منظومته الماسية من الغناء الخالد ، وتعتبر كلماتها من الكلمات التي تدخل قلب وأذن المستمع دون إذن لحلاوتها ولطلاوتها و لجرسها الموسيقي الجذاب الاخاذ عطرا ، محمد بوسف موسى وزيدان إبراهيم جمع بينهما الإبداع هذا متفرد شعرا وهذا شجي صوتا ، هذه الأغنية تعتبر من الأغاني الخالدة التي سوف ترددها الأجيال لأنها عملة ذهبية من العيار الثقيل ، الأول ظل مخلص في حبه الأول والذي لم يكن له ثاني هو أول في قلبه واخر في عقله ، الثاني يمتاز بخاصية الصوت الرنان والحضور المسرحي العجيب ، ألا رحم الله الفقيدين بقدر ما قدما للفن السوداني فهم بلاشك خالدين في قلوبنا ، ودا… الشعر ودا… الغنا ولا بلاش !.

التعليقات مغلقة.