عثمان ميرغني يكتب: الوثائق الدستورية

متابعات/ الرائد نت

الكلمة السحرية ( وثيقة دستورية)ليست مجرد لائحة قانونية بل “تعويذة” تمنع العين والحسد و تجلب السعد.. ولهذا تجتهد الأطراف السياسية السودانية في الحصول عليها.. فمجموعة قوى الحرية والتغيير قبل أربعة أشهر أعلنوا أن الوثيقة الدستورية الخاصة بهم ستصدر بعد أسبوعين.. واللجنة التيسيرية لنقابة المحامين لم تقصر أنجزت ورشة عمل مهمة دعت لها غالبية الطيف السياسي وقدمت توصيات لإنجاز “الإطار الدستوري”.. أما قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني فأكملوا احتفالهم بقاعة الصداقة بوثيقة دستورية ليتها لم تصدر.
ولا يزال يقف في طابور “الوثائق الدستورية” مبادرة “نداء أهل السودان” أنجزت مؤتمر المائدة المستديرة وأصدرت توصياته بطرد فولكر ونسيت الوثيقة.. ومبادرات وتحالفات أخرى لم تبلغ النصاب القانوني للإضاءة الإعلامية.
في كل هذا السوق الهائج بالوثائق الدستورية لم يتغير الوضع السياسي قيد أنملة.. سكان القصر الجمهوري كما هم، والمكون العسكري أعلن رغبته في الخروج منه لكن لم يعثر حتى اليوم على “بوابة الخروج”.. ومجموعات الواتساب والفيسبوك وغيرهما تفور وتمور بضجيج متصل وحرب كلامية أشد شراسة من حرب الروس و أوكرانيا.. ونسمع جعجعة ولا نرى طحيناً..
في المقابل، تنعقد القمة العربية المقبلة في الشقيقة الجزائر بداية شهر نوفمبر المقبل 2022، وواحد من أهم البنود في جدول أعمالها يبحث في أزمة الغذاء التي كشفت حرب أوكرانيا عورتها.. وينظر العالم العربي بقلق لما بين يديه من موارد ليستثمر فيها ما يكفي مخزوناً إحتياطياً يرفع مستوى تأمين الطلب العربي على الغذاء.. وبالطبع لا يُذكر الغذاء إلا والسودان هو الموقع الأول من الإعراب.. لكن السودان مشغول وغارق حتى النخاع في حرب “الوثائق الدستورية”.. و غالباً عندما يفيق من غيبوبة الوثائق الدستورية يجد نفسه وقد فاته القطار.
الأموال العربية المرصودة لمشروعات الغذاء كبيرة وتبحث عن المكان المناسب للاستثمار المناسب.. ولكن بكل أسف رغم أن السودان يحوز على الأرض والماء والموقع الحسن ، لكن آخر ما يشغل الأثير السياسي السوداني هو النظر في رجاءات الاستثمار المنتظرة.
وليست القمة العربية وحدها، فقمة المناخ 2022 تنعقد في الشقيقة مصر في الشهر ذاته نوفمبر 2022، وهي قمة دولية مهمة خصصت يوماً كاملاً للنظر في قضايا الطاقة، لكونها تنظر بقلق كبير لمستقبل الكرة الأرضية في ظل تغير المناخ المتفاقم، فأوروبا هذا العام تعاني من الجفاف، و السودان يعاني من الغرق.. ومن أهم مسببات التغير المناخي الإنبعاثات الأرضية التي تتسبب في تآكل طبقات الجو العليا.. وبات النظر لعالم أخضر خاصة في الطاقة أولولية كونية، والسودان واحد من أكثر دول العالم قدرة على توفير الطاقة المتجددة النظيفة.. فالشمس الساطعة طوال النهار والعام تمثل كنزاً لا يقدر بثمن.. ولكن كيف الوصول لهذه الاستثمارات الدولية والسودان تائه في البحث عن “الوثيقة الدستورية”؟
اللهم أنقذ شعب السودان من الوثائق الدستورية؟.

التعليقات مغلقة.