عثمان ميرغني يكتب: يوم ..و يوم.. ويوم ..
متابعات/ الرائد نت
لفت نظري في “الفيسبوك” مقطع فيديو بثه الشيخ محمد هاشم الحكيم يشرح فيه ما يبدو ظاهريا تناقض بين آيتين في القرآن، هما:
الآية الأولى :
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (47) سورة الحج.
الآية الثانية :
(تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (4)سورة المعارج.
الشيخ الحكيم قال أن اليوم الأول يختلف عن الثاني، فالخمسين ألف سنة يوم القيامة، أما الألف سنة فهي معراج الملائكة إلى السماء، يهبطون في 500 سنة ويصعدون في مثلها.
ومع عظيم تقديري للشيخ وتفسيره إلى أني أعتقد أن للأمر وجه آخر.
فهي ثلاث آيات، الآية الثالثة:
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّون) (5) سورة السجدة.
في الآيتين اللتين ذكر اليوم بألف سنة فهو مقياس “زماني”ـ ولهذا تكررقوله سبحانه وتعالى (مما تعدون).
أما الآية التي ذكرت اليوم بخمسين ألف سنة فهو مقياس “مكاني” يحسب المسافة وليس الزمن.
وذلك كالتالي:
في الآية(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) الحديث عن “الاستعجال بالعذاب” ، فالكفار تحديا لاثبات عدم وجود العذاب ويوم القيامة، فهم يعتمدون الحساب الزمني العادي، (يستعجلونك) أي بحساب الزمن المعلوم لدينا يرون العذاب تأخر فهو غير موجود. الله سبحانه وتعالي يبين أن حساب الزمن لا يرتبط بحسابات الانسان (مما تعدون) فالإنسان يعتمد في حسابالزمن على دوران الأرض حول نفسها ودورانها حول الشمس. دورانها حول نفسها يمنح حساب الليل والنهار أي اليوم، ودورانها حول الشمس يمنح حساب السنة.
يقول الله سبحانه وتعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب..) (5) يونس.
فهذا حساب انساني للزمن. لكن هناك حساب آخر.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (بعثت أنا و الساعة كهاتين) وعقد بين اصبعيه السبابة والابهام. ومضى من حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من 1444 سنة هجرية حتى اليوم. وحدة قياس الزمن هنا مختلفة.
الزمن هو حاصل قسمة المسافة على السرعة، فإذا كان المعيار الذي تقاس به السرعة كبيرا فإن مقياس الزمن لا يصلح بالمعيار الأصغر.
في الدنيا يقيس البشر المسافات بالمتر والكيلومتر لكن عندما تكبر المسافة بصورة لا تحتملها الأرقام يلجأ الانسان لاستخدام أعلى معدل سرعة معروف في الطبيعة للتعبير عن المسافة، فيستخدم سرعة الضوء وتعادل 300 ألف كيلومتر في الثانية للتعبير عن المسافة وليس السرعة أو الزمن. فيقال أن هذا النجم يبعد عن الأرض مسافة ألف سنة ضوئية.. فرغم أن السنة وحدة قياس زمنية الا أنها تستخدم هنا لقياس المسافة، لتجنب الأرقام اللانهائية صعبة القياس.
الآية (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (4)سورة المعارج.تتحدث عن المسافة وليس الزمن، فالمسافة التي يقطعها الملائكة بعيدة للغاية بما يعادل نسبة يوم إلى خمسين ألف سنة. أقرب لاستخدمنا البشري للسنة الضوئية في قياس المسافة.
أما الآيتين اللتان تذكران اليوم مقابل ألف سنة (مما تعدون). فهو مقياس زماني لا علاقة له بدوران الكرة الأرضية حول نفسها ولا الشمس، ففي يوم القيامة لا أرض ولا شمس ولا كواكب (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب).
ولتقريب الفهم لذهن القاريء فإن حساب اليوم بألف سنة يعني أن سيدنا عيسى عليه السلام ولد قبل يومين فقط ( نحن في العام 2022).ومضى على ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم ونصف تقريبا ( سنة 571 م).
وبهذا المنطق فإن الدنيا منذ خلقها الى الله إلى أن تقوم القيامة ليس الا لمح بالبصر بحسابات آخرى غير حساب دوران الأرض حول نفسها أو حول الشمس.
التعليقات مغلقة.