بدرالدين حسين علي يكتب: السودان.. خرج ولم يعد..!!

الخرطوم/ الرائد نت

الثورة السودانية كانت مظهرا من مظاهر الخروج السوداني الشعبي، ضد نظام حكم يعتقدون انه فشل في توفير وضع اكثر مثالية، مما يعيشونه تحت وطأة حكمه، وقد نجحوا بالذهاب به إلى خانة السابق، واسسوا نظاما انتقاليا ليحكم، يحمل كل البشريات والامال، بالوصول إلى وضع افضل مما كانت عليه البلاد، ان لم يصلوا به إلى المثالية الكاملة التى يرجونها.
الا ان الثورة التي كانت في مظهرها جسدا واحدا، وهي تثور ضد النظام السابق، سرعان ما تشظت وصارت كتلا عديدة ما بين (سارقين) لها،يوهمون الناس بانهم صانعوا الثورة، فتمددوا في مفاصلها كسرطان سريع الانتشار، و( مخالب قطط) تنهش فى كل مكان لتخدم اجندتها الخاصة، وهي توهم جماهير الثورة بانها تخدم مصالحهم، و(عملاء) يخدمون اجندة غربية مدفوعة الثمن، و(حالمون) يرجون الوصول الى دولة الرفاهية، وهم لا يبصرون اثرا يوصل اليها، و(راشدون) اكتشفوا حقيقة العمالة والسرقة، فانتفضوا ضد كل انتهازي، ومدعي اثيم، وسارعوا بنشر الوعي، رغم تودد الانتهازيين لهم ظاهرا ومحاربتهم باطنا.
هذا الوضع جعل شعارات الثورة حبرا على ورق، فشعار حنبنيه، تحول الي خراب، ودمار شامل، لم تنجو منه حتى شجيرات النخيل التي تزين شوارع الخرطوم، اذ اصبح التظاهر السلمي دمارا، وحرقا، واستهدافا، لمراكز الشرطة، وجودة الطرق، واعاقة حركة المواطن.

وكانت حصيلة الثورة بكل تضحياتها، مشاهد مؤلمة، من صراع مبطن حول السلطة، تسابقت فيه احزاب اربعة طويلة لتجيره لصالحها، فافسدت البلاد، واضافت لسجل الحكم فى البلاد أسوأ تجربة، شهدت دمارا في القيم، ومست عقيدة اهل السودان، واستباحت اموال البلاد والعباد بالباطل، ودمرت الخدمة المدنية، وارجعت اقتصاد البلاد الي التخلف.

وحتى المكون العسكري لم يسلم من ذلك، باعتباره المسئول الاول عن الحال الذي وصلت اليه البلاد، فقد اعطى سلطة لمجموعة مدنية دون الاخرين، طمعا في الحكم، اذ ان من يتجاوز تجارب سابقة وراسخة في موسسة ذات تاريخ ممتد، ليقوم بهذا الفعل، فانه اما طامع في الحكم، او ينفذ في اجندة لصالح قوى أخرى ، وذات المكون العسكري اظهرت مواقف مكوناته من المشهد السياسي المتحرك في البلاد، ان مفارقة السلطة امر عسير.

فاليوم وبعد مبادرة الشيخ الطيب الجد، ظهرت نوايا المدنيين والعسكريين كل بما يخدم مصلحته قبولا ورفضا لمبادرة راهن المتابعون بان مخرجاتها تمثل المخرج للسودان.

ولكن في ظل هذا الصراع السياسي المحموم، والذي يرى كل كيان سياسي بانه الاحق بانتاج الحل، دون الاخرين، لن ترسو سفينة الامن والاستقرارالسياسي والاقتصادي في السودان إلى بر الامان.

التعليقات مغلقة.