ياسر الفادني يكتب: أنا الغريق فما خوفي من البلل

الخرطوم/ الرائد نت

العنوان أعلاه شطر بيت انشده المتنبي في لاميته المعروفة والتي عبر فيها عن حالة الإحباط النفسي التي تمكنت من أوصاله ، حالة وصل فيها مرحلة عظيمة من اليأس إذ قال : الهجر أقتل لي مما أراقبه …..أنا الغريق فما خوفي من البلل
مابال كل فؤاد في عشيرتها…به الذي بي وما بي غير منتقل

ماحدث لشاعر البيداء والسيف والقلم من إحباط وحزن وأسف وقنوط أخشى أن يحدث لهذا الوطن المكلوم ويصبح كالغريق لايخشي البلل ، الوطن الذي لايشكو إلا من بنية الذين ألقوة في اليم مكتوفا فقالوا له : إياك إياك أن تبتل بالماء !…. لامية المتنبي سوف تصبح بكائية هذا الوطن ، الفرق بين وطني والمتنبي أن الثاني عاش فقيرا ومادحا للملوك إن أعطوه مدحهم و إن منعوه هجاهم ،
أما وطني ليس فقيرا بل هو من أغني بلدان العالم لكن السياسيون فيه جعلوه فقيرا ، إن جلسوا في كرسي السلطة مدحوه وإن إقتلعوهم خربوه

الفرق بين وطني والمتنبي أن المتنبي قال : أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم …أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم ، صدق حين قال لأن الآن شعره وقوله يدرس ويساهر فيه الدارسون لغة ومعني ومبني ويختصمون فيه نقدا ، أما وطني يساهر وحده ألما ومن فيه ينومون لدرجة الشخير آكلين من خيره وشاربين لا تعظيما له من بعد الله ولا شكرا

أعتقد أن الوطن يخاف ويخشى من مفردتين الأولى ( إلا ) والثانية جملة ( بل ) إلا الأولى تشير إلي التهميش والإقصاء و هدم بناء الرأي الآخر كما رددها السابقون حكما لبعض الجهات والآن قيلت لهم من بعد الخامس والعشرين من أكتوبر ، بل صارت تقال للكيزان والقحاته معا ، كلمة إلا يخاف منها الوطن لأن بسببها حمل السلاح من حمل ، هذا الكلمة لابد من حذفها من القاموس المحيط للغة السياسية في هذه البلاد تماما

أما كلمة (بل ) هي كلمة غير محببة إطلاقا لأنها تعني الإنتقام وتعني السخرية وتعني التشفي من الغير وتعني التحقير من شأن الآخر ، البل يأتي برد فعل ربما يكون مساوي في القوة ومضاد له في الإتجاه !! اذا أنقلب الأمر كالذي حدث للسادة القحاته ! شربوا من نفس الكأس المر الذي سقوا به آخرين !

عبارة ( بل ) أشعلت نار الفتنة والإقتتال في ولاية النيل الأزرق قبيلة( تبل) قبيلة وتقتل وتحرق والأخرى ترد و(تبلها) بلا وهكذا نظل نحن ننظر للمبلولين ونشجب وندين والمبلول الأكبر هو الوطن وأخشى أن يغرق ويصيح : إني اتنفس تحت الماء إني أغرق أغرق كما قال العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ

السياسيون (هرونا هري ) بعبارة لابد من نبذ خطاب الكراهية أصمت هذه العبارة آذاننا وصارت مستهلكة سياسيا ، عبارة إلا في السياسية هي مفردة كراهية وإن كثرت سوف تصير خطاب كراهية وكلمة بل أيضا هي تدعوا للكراهية فدعوهما إنهن نتنات .

التعليقات مغلقة.