عثمان ميرغني يكتب: ما السر في ذلك؟
متابعات/ الرائد نت
أعلنت أمس وزارة الشؤون الدينية تكاليف حج هذا العام، لا يهم كم يحتاج الحاج من مليارات لأداء هذا الركن الخامس في الإ؟سلام، بل الأهم أن نسأل بكل براءة عن علاقة الحكومة بالحج.
بصورة عملية فنية مباشرة – بعيداً عن الشعائر- الحج هو رحلة سياحية ولحسن الحظ لكوننا دولة مجاورة للأراضي المقدسة فهي من نوع الرحلات السهلة لأصغر وكالة سفر، ينوي الحاج السفر فيتخير وكالة السفر التي تروقه خدماتها ويقدم جوز سفره إليها، وتتولى الوكالة إجراءات استخراج تأشيرة الدخول للملكة العربية السعودية ثم مع الوكالات المناظرة تقدم للحاج الخيارات التي تناسب إمكانياته المالية، وفي يوم السفر توفر الوكالة خدماتها الضرورية لعملائها هنا وفي الأراضي المقدسة حتى العودة المباركة بعد انتهاء الشعائر المقدسة..
ويزيد من سهولة الخدمة السياحية أن عدد حجاج السودان حوالى 14 ألف فقط، وهو رقم تستطيع وكالة سفر واحدة أن تنجزه بمنتهى السهولة، فما بالك بمئات وكالات السفر التي تتنافس على خدمة ضيوف الرحمن.
و حكومة المملكة العربية السعودية توفر خدمات عشرة نجوم لكل الحجاج، من رعاية صحية ونقل وإيواء وطعام و أمن ، ولا يحتاج الحاج إلا للوصول إلى أرض الحجاز وتتوفر له الخيارات حسب ما يروق له.
ما دخل الحكومة السودانية بهذه الرحلة السياحية المقدسة؟
صحيح هناك علاقات رسمية بين الدولتين بموجبها يتحدد عدد الحجاج كل عام، لكن هذا الأمر لا علاقة له بسفر الحجاج وتفويجهم وإطعامهم.. و تستطيع إدارة – بل موظف واحد – في وزارة الخارجية السودانية إنجاز مهام التواصل السيادي الرسمي بين الحكومتين السودانية والسعودية في الإجراءات والنظم التي تفرضها الدولة المستضيفة للحجاج والتي تحرص على أن توفر لهم أفضل الخدمات مجاناً لوجه الله.
قبل سنوات قليلة كانت الحكومة السودانية ، من فرط تحشرها في رحلة الحجاج إلى الأراضي المقدسة في الحج والعمرة أيضاً- تصر على أن تبيع ، نعم الحكومة تبيع، للحاج ملابس الإحرام والحزام الجلدي الذي يربط به الحاج الإحرام بل و”الشبشب” الذي يلبسه في قدميه.. ومع ذلك كلما انتهى موسم الحج تظل شكاوى الحجاج لأشهر تشغل حيزاً كبيراً في الإعلام، شكوى من كل شيء له علاقة بالخدمة الحكومية السودانية..
قبل أيام نشرت وسائط الأخبار أن وزير الشؤون الدينية في السودان سافر إلى السعودية ووقع عقودات مع شركات “إطعام” الحجاج، تصوروا!
إن كان من مهام الحكومة الإشراف على الرحلات السياحية للخارج، فأكثر من مليون سوداني يسافرون سنوياً الى مصر، لماذا لا تتولى الحكومة السودانية تفويجهم وتحديد تكاليف سفرهم ثم تصر على نقلهم الى مصر وتوفير أماكن إقامتهم وتوقع عقودات مع شركات مصر لإطعامهم؟
كتبت هنا بل عدة سنوات عن جلسة خاصة عقدها مجلس وزراء حكومة ولاية الخرطوم لبحث إجراءات حجاج ولاية الخرطوم في ذلك الموسم.. ولفت نظري أن عدد حجاج ولاية الخرطوم كان حوالى أربعة آلاف!!.. تصوروا مجلس وزراء كامل الدسم يعقد جلسة كاملة لبحث إجراءات سفر أربعة آلاف في رحلة لمدة أسبوعين لدولة مجاورة!!
ما السر في تمسك الحكومة بالحج والعمرة.. رغم أن النظام تغير.. حكومة البشير ظلت تحجج السودانيين ثم جاءت حكومة حمدوك الأولى والثانية وسارت على الدرب، والآن حكومة الانقلاب أيضاً مصرة على الإشراف على الحج ..
ما السر في ذلك؟
التعليقات مغلقة.