الشيوعي: الحوارات مع الحركتين حددت ملامح السودان الجديد

متابعات/ الرائد نت

عقد الحزب الشيوعي السوداني ظهر أول أمس الأحد مؤتمرًا صحفيًا بالمركز العام للحزب بالخرطوم (2)، شرح فيه أسباب زيارة وفد الحزب إلى دولة جنوب السودان ومنها إلى مدينة كاودا بجنوب كردفان للقاء مع قادة حركة جيش تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور والحركة الشعبية شمال، للوصول إلى خلق مركز موحد للمعارضة السودانية لإسقاط الانقلاب، وما رافق هذه الزيارة من تداعيات شملت الاعتقال والحجز والتحقيق في كل من جوبا والخرطوم، وقد شارك في المؤتمر الصحفي كل من السكرتير السياسي للحزب الزميل محمد مختار الخطيب وسكرتير مكتب العلاقات الخارجية الزميل صالح محمود وعضوة المكتب السياسي الزميلة آمال الزين.

تردي الأوضاع واستمرار الانتهاكات:
بدأ الحديث الزميل محمد مختار الخطيب السكرتير السياسي للحزب الشيوعي قائلًا: إن الزيارة كانت ناجحة للغاية وحققت أهدافها، وأوضح أن الوفد أجرى حوارات واسعة وعميقة مع الحركتين وحددت هذه الحوارات ملامح السودان الجديد المنشود والذي طال صبر الشعب السوداني لتحقيقه منذ فجر الاستقلال. وإن الزيارة أتاحت للوفد المشاهدة بالعين المجردة آثار الانتهاكات الوحشية المجرمة التي أرتكبها نظام الإنقاذ في منطقة كاودا ومجزرة هيبان وقصف المدارس والمستشفيات، وقتل الأطفال الأبرياء بالبراميل الحارقة. وأردف الزميل الخطيب أنه تم التوافق على حل الأزمة العامة للبلاد والذي يتطلب الحل الجذري الشامل بغرض تحقيق السلام والعدالة والوحدة وفق حل سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي مع ضرورة مفارقة النهج السياسي والاجتماعي الذي أنتج تراكم الأزمة العامة في بلادنا وكرس للقهر الاثني والديني والطبقي والثقافي، كما أدى لتمدد الحروب في بلدنا وبالتالي التبعية للخارج. عليه توصلنا من خلال الحوارات إلى أن ثنائية المركز والهامش هي نتاج لتنمية رأسمالية شائهة سادت منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا، في ظل الحكومات المتعاقبة عسكرية كانت أو مدنية وأن قوى هذه الحكومات تتكون من علية أصحاب الامتيازات منذ الاستعمار وهي تحالف الرأسمالية التجارية مع قوى شبه الإقطاع وزعماء مجتمعات ما قبل الرأسمالية في الريف ومناطق الهامش، وتبادلت هذه القوى السلطة مع البيروقراطية العسكرية والمدنية في أجهزة الدولة وهي طامحة للثراء والنفوذ من خلال السلطة.
وأضاف الخطيب أن حكومة الفترة الإنتقالية لثورة ديسمبر هي امتداد لذات القوى والمتمثل في تحالف العسكر وقوى الهبوط الناعم والقوى التقليدية وبعض فئات البرجوازية الصغيرة والمرتبطة بتحالفات إقليمية ودولية وبعض رجال الأعمال الذين يسعون لأرث النشاط التجاري لنظام الإنقاذ. وأضاف أن الأزمة العامة واصلت تراكمها مما أدى إلى تردي الأوضاع في البلاد واستمرار الانتهاكات في مناطق النزاعات والاعتماد الكامل على الأجهزة الأمنية والقمع المفرط للجماهير وقد كان اعتقالنا الأخير هذا من نفس جهاز أمن البشير والذي كان من المفترض حله بعد انتصار الثورة وإعادة تكوينه على أسس جديدة بمهام محددة وفق الوثيقة الدستورية المعيبة، وعدم ممارسة أي نشاط تنفيذي يختصر مهامه في جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لجهات الاختصاص، لكنه الآن يواصل ذات المهام بتكميم الأفواه والاعتداء على الثوار وتعذيبهم، لذا فإن هناك ضرورة لتحالف قوى الثورة الحية صاحبة المصلحة في التغيير الجذري الشامل من الطبقات والشرائح الاجتماعية المقهورة في المركز والهامش، وهم وقود ثورة ديسمبر العظيمة عليه يجب النضال المشترك والتنسيق لاسترداد الثورة والحفاظ على وهج الثورة متقدة، والتوافق على جسم قيادي ثوري تنسيقي يمتلك قرار كافة قوى الثورة في العاصمة والأقاليم ومعسكرات النزوح، والتوافق على ميثاق مشترك مستمد من المواثيق القاعدية المطروحة والاتفاق على برنامج الفترة الإنتقالية، ووضع خارطة طريق لتكوين الحكومة الإنتقالية وإنجاز البرنامج المطروح بعد إسقاط الانقلاب والتأسيس لدولة مدنية ديمقراطية تكون فيها المواطنة أساس الحقوق والواجبات واحترام التعدد والتنوع وفصل الدين عن الدولة وإنهاء الحرب وجبر الضرر وتحقيق العدالة وتقديم المجرمين للعدالة الدولية، كما طالب الأستاذ الخطيب في نهاية حديثه بوقف التعذيب في المعتقلات وإطلاق سراح الثوار السلميين.

تحالف أهل المصلحة في التغيير الجذري:
من جانبها تحدثت الزميلة آمال الزين عضوة المكتب السياسي وقد بدأت حديثها بالتحية لكل شهداء الثورة السودانية خصوصًا شهداء ثورة ديسمبر، وأرسلت التحايا لأسر الشهداء والمفقودين وقامت بتقديم شرح وافي لخطوات رحلة وفد الحزب الشيوعي إلى جوبا وكاودا وقالت إن الحركة بدأت بعد الحصول على التأشيرات اللازمة لكل أعضاء الوفد من قنصلية جمهورية جنوب السودان بالخرطوم، وغادر الوفد إلى جوبا يوم 30 أبريل عبر خطوط طيران تاركو وفور وصول الوفد إلى جوبا تم اللقاء مع حركة القائد عبدالواحد محمد نور وتم أجراء حوارات واسعة مع قادة هذه الحركة وتوصلنا معهم لاتفاق، لكننا أجلنا التوقيع عليه لاحقًا بعد الاتفاق مع حركة القائد عبدالعزيز الحلو. بعدها غادرنا إلى كاودا عن طريق أجواء تم ركبنا سيارات حتى الحدود بين كاودا وجنوب السودان، ووصلنا كاودا مساء نفس اليوم منتصف الليل تقريبًا والتقينا بالقائد عبدالعزيز الحلو وكامل قيادة حكومته وبعد الترحيب بنا قمنا بزيارة كل المرافق الحكومية وزرنا الجهاز القضائي وإدارة الصحة وكل الوزارات، والتقينا بالجماهير في كل مكان وتحدثنا طويلًا عن العلاقة بين الحزب الشيوعي وجماهير هذه المناطق، وتوصلنا إلى الاعتراف بأن جذور الأزمة السودانية تكمن في التركيبة المشوهة التي تركها المستعمر. ثم اتفقنا على كيفية إسقاط ومحاربة الانقلاب وأهمية قيام تحالف الأقوياء تحالف أهل المصلحة في التغيير الجذري.
وأضافت آمال بعد رجوعنا إلى جوبا عبر مدينة أجوا حيث تم توقيفنا هناك وأعتقد أن حصيلة ما حدث هو تجربة هامة يجب أن تقود هذا الحراك إلى الأمام وصولًا لدولة ديمقراطية مدنية. ووصفت التحالف الجديد بتحالف الأقوياء وقالت يبدأ الآن وينتهي بفتح الطريق أمام السودان الجديد.

• نحن مع مطالب الشارع:
من جانبه أوضح الزميل صالح محمود عضو المكتب السياسي بأن الزيارة لجوبا وكاودا كانت لتنفيذ قرار الحزب الشيوعي بضرورة تكوين مركز موحد للعمل المعارض والمستمر منذ ثلاثة سنوات وحتى الآن، لأن التجارب السابقة في التحالفات كانت ناقصة وانتهت بواسطة الإنقلابيين. وأكد صالح بحدوث بعض التقدم في حراك ثورة ديسمبر لكنه سرعان ما انتكس لأسباب معروفة. عليه قررت قيادة الحزب التفكير بطريقة جديدة وهي ضرورة تكوين مركز جديد معارض يكون مفارقًا للسياسات القديمة في استمرار التبعية والارتهان للخارج، وبالتالي حددنا من هي القوى الحية التي تطالب بالحل الجذري، فقررنا كقيادة للحزب الشيوعي أن نبدأ بالحركتين. وأوضح الزميل صالح محمود أن الحزب الشيوعي حزب سياسي ومسجل ولا يحتاج لأذن من أحد. وأضاف أن قائد الانقلاب الفريق البرهان قابل الرئيس الإسرائيلي نتنياهو ولم يتم اعتقاله، ونحن قابلنا مواطنين سودانيون أصحاب قضية وهذا هو منطلقنا.
وأوضح صالح لقد لمسنا الترحيب بمطلب بناء سودان جديد من القوى السياسية ومن منظمات المجتمع المدني ومن شخصيات وطنية بعضها يختلف معنا وهذا شيء جيد ويكشف أنه بالحوار وفتح خط جديد يمكن فتح الطريق لبناء السودان الجديد وقد لاحظنا التضامن معنا منذ انتشار خبر اعتقالنا وهذا التضامن القوي ساهم في إطلاق سراحنا. وقال صالح نحن لا نعمل في الخفاء ونسعى جادين لإسقاط هذا الانقلاب وهذ مطلب مشروع لأن هذا الانقلاب متورط في عدة جرائم ضد الإنسانية ومن هنا أبعث برسالة للآلية الثلاثية المكونة من (الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد) أقول لهم أرفعوا يدكم عن السودان طالما تريدون العودة إلى الشراكة مع العسكر من جديد، فنحن في الحزب الشيوعي ضد التسوية، وأضاف أتوجه بالحديث إلى السيد ودلبات وأقول له أن مهمتك بالسودان انتهت ولن نسمح لك بالقيام بأي دور من جديد، وإذا كان فولكر يدعونا للشراكة فعليه الذهاب فورًا من بلادنا وعلى القوى السياسية المترددة اتخاذ القرار الصائب.
وأوضح صالح أنه خلال التحقيق معه في جهاز الأمن تم سؤاله عن معنى إسقاط الانقلاب، فكان رده أنه لا يوجد برلمان في السودان حتى يتم إسقاط الحكومة فيه لكن يوجد شارع ثائر ويقول لقادة الانقلاب أذهبوا الشارع لا يريدكم، فلذا نحن مع مطالب الشارع. وفي جوبا قالت لنا حكومة الجنوب أن زيارة وفدنا قد أدخلتهم في حرج مع حكومة الخرطوم باعتبارهم يرعون السلام في شمال السودان، وقالوا لنا إنهم استلموا تقريرين واحد بالعربي وآخر بالإنجليزي عن نشاط للحزب الشيوعي بالجنوب. وأضاف الأخوة في الجنوب تعاملوا معنا بشكل جيد وطلبوا منا السفر إلى دولة ثالثة تفاديًا لأي مخاطر لكننا قررنا العودة إلى الخرطوم حيث تم اعتقالي وتم سؤالي عن مصدر تمويل الرحلة، فقلت لهم أن الممول هو الحزب الشيوعي بإمكانياته الذاتية، وفي اليوم التالي تم إطلاق سراحي دون مساءلة. وقد شهد المؤتمر الصحفي طرح العديد من الأسئلة حول الموقف من الأحزاب التي شاركت نظام الإنقاذ حتى سقوطه وموقف الحزب منها وطرح سؤال عن طرح الحركة الشعبية شمال لتقرير المصير، وتمت الإجابة على هذه الأسئلة وقد شارك عدد كبير من الصحفيين والقنوات الفضائية في تغطية المؤتمر الصحفي.

الخرطوم : إبراهيم ميرغني _ صحيفة الميدان

التعليقات مغلقة.