بالمرصاد | الصادق مصطفى الشيخ يكتب: التاريخ لا يرحم..

متابعات/ الرائد نت

يحدثنا تاريخ التحالفات السياسية بين الأحزاب أن حزب الأمة في عهد الإمام الراحل كان دائم الإصرار على أن يكون الحزب في المقاعد الأمامية، ليس واحد ولا اثنان بل كل المقاعد التنفيذية وحتى التشريفية، وربما كان قادة الأحزاب المتحالفة والمنظمات يعاملون هذا الحزب الذي يدعي الثقل الجماهيري والفوز في كل الانتخابات يعاملوه كمريض ويمنحوه ما يريد، رغم إيمان المتحالفين بأنه فشل في إدارة الحكومات التى أوكلت إليه وسلمها للعسكر على اعتبار أن الشعب المبتكر سيعيدها له مرة أخرى، وبعد وفاة الإمام تغير شكل التطلعات واضحى خلف الإمام سواء بناته أو برمة، يقتصرون الطريق ويتجاهلون التحالفات ويصعدون مباشرة بملفاتهم للعسكر، دون التفات إلى كمية التناقضات والجرائم والانتهاكات التي ارتكبها هؤلاء، حتى في حق حزب الأمة نفسه ناهيك عن الشعب السوداني وابناؤه الذين مارس فيهم كافة صنوف الإجرام وتلك التي تتنافى مع الأخلاق والضمير الإنساني..
هذا التكتيك المستحدث لحزب الأمة جعل حزب المؤتمر السوداني يصعد لقيادة التحالفات حتى وهو بلا سند جماهيري كافي، ولا قيادات مؤثرة لها دور وكلمة مسموعة، وقد ظل يسير في ظل الآخرين خاصة الإسلامويين الذين تنازل لهم حتى عن اسمه المبتكر، فالمؤتمر الوطني اسم المؤتمر السوداني تم انتزاعه منهم مثلما تم انتزاع النادي الكاثوليكي وخصص دارًا للمؤتمر الوطني دون أن يتحرك لهم جفن، ومن ثم ظهر التعاون والتلاقي الفكري لقاءات عراب الانقاذ الترابي وإبراهيم الشيخ وظهور الأخير كأحد رجال المال والأعمال ومشاركي حكومة الإنقاذ في المشروعات (حديقة أمدرمان الكبرى)..
أداء قوى الحرية والتغيير في الأزمة الحالية اتسم بعدم الثبات على المواقف في ظل صمت بقية مكوناته، التي رفضت لقاء الحزب الشيوعي منفردة كما طالبها بذلك، ولكنها تمارس الفردانية في قضية حوار اللجنة الثلاثية، فلحزب البعث موقف من التفاوض متنافي تمامًا مع المؤتمر السوداني وآخرون، لكن رأي الأخير هو الذي يسير دون اعتراض أو حتى تعقيب، هذا الأمر جعل من الحرية والتغيير كأن المؤتمر السوداني داخلها بعدة صرفات أو صفات، وللحقيقة والتاريخ تلك النزعة ليست وليدة اليوم بل شهدناها في ساحة الاعتصام عندما فشل الحزب في مجاراة أقرانه وأقلاها الكورال الذي قرروا إنشاؤه وكونوا لجانه ورصدوا ميزانيته لكنه لم ينجح، مثل الصحيفة التي توقفت بعد انتصار الثورة وكانت تصدر قبلها بانتظام أليس هذا بأمر غريب؟
لا علينا فقد وصل الأمر عندهم لمرحلة الإعلان المباشر عبر محدثهم خالد سلك بأن الدعوات لحل الدعم السريع غير ممكنة وحديث غير عقلاني، وهو شعار تغنى به شرفاء الثورة (تسقط كتائب الجنجويد)، وتغنى به أهل الثورة تضامنًا مع مجازر غرب السودان منذ ٢٠٠٣ وحتى امس القريب، وترنم بها أنجال عثمان دقنة في وجه حميدتي (الجنجويد ينحل)، عندما كنت يا سلك في سجون الاعتقال الذي خرجت منه ليس في وجهك مزعة من آثار الإضراب عن الطعام، وقولك هذا المفاجئ لأهل الثورة إن لم يكن انفعالًا وغضبة من المحاصرة التي تعرضتم لها في المواكب الأخيرة، فما ذنب الذين لم يخرجوا أصلًا في المواكب من قوى الحرية والتغيير.
تحدثت يا سلك عن الخطأ الأساسي للحرية والتغيير في فترة حكمها بأنها لم تعمل على تلبية حاجة الشارع بأن تكون قحت حاضنة حقيقية للفترة الإنتقالية، ويدخل من ضمن أسباب الفشل الانحياز إن لم يكن الرضوخ الكامل لتطلعات ومتطلبات العسكر، الذين انقلبوا على الثورة وفضوا الاعتصام والجنجويد أحد أضلع هذا المكون الذي أثار عواطفكم وأصبح فجأة عصي على الحل.
فالشارع يا قحت قطع أكثر من نصف المشوار ولن يتراجع أو تؤثر فيه أقوال المرجفين، وأن وضعوكم في كماشة بين ميثاق وطني بلا برامج وأرضية وقوى يمينية معترفة بجرمها في الانقلاب على الحكومة الديمقراطية، ووضعتم قادتها في السجون بأنفسكم كلجنة تفكيك بهوانكم هذا لن تقووا على أن تكونوا حاضنة وستذوبون بفعل خنقة الكماشة والتاريخ لا يرحم..
دمتم والسلام…

نقلا عن صحيفة الميدان

التعليقات مغلقة.