فلسفة العمل الحزبي لحركة المستقبل.. د. عمر الخير إبراهيم يكتب..

الخرطوم/ الرائد نت

يقوم العمل الحزبي على مجموعة عناصر مهمة هي فكرة، جماعة مؤمنة بهذه الفكرة، ومنهج للعمل. وحركة المستقبل تمثل حزبا يملك هذه العناصر المهمة. هذه الرسالة تهدف إلى تبيان هذه العناصر وأبعادها من خلال تفكيك فكرة الحزب وأهم مكونات اسمه التي تعبر عن جوهر فلسفته، أهم مضامينه، منهجه وخارطة العمل التي يتبناها.

خلفية عامة للسياق الإجتماعي والسياسي :

السودان دولة لها تاريخ حافل ثقافياً وحضارياً، مما جعل موقعها الجغرافي في خارطة العالم له أبعاداً حضارية، بحيث تنظر لها بعض دول العالم نظرة ايجابية واعدة لكن نجد دولاً أخرى تنظر لها بشئ من القلق. أما في الداخل السوداني فنجده يمتاز بتعددية اجتماعية فسيفسائية حيث مثلت له قيمة ايجابية مضافة، لكنها في ذات الوقت مثلت له تحديا كبيرا لم يستطع طوال ما يزيد عن الستون عاما ـــ منذ استقلاله ـــ أن يجد إجابات واضحة ونهائية لأسئلة هذا التحدي. عليه كان قدر السودان أن يخضع لأنظمة حكم مختلفة؛ مدنية وعسكرية ومختلطة، لم يكتب له الإستقرار خلالها جميعاً إلا في أوقات محدودة ونتيجة ظروف إستثنائية داخلياً وخارجياً. ظلت كل الأسئلة الوطنية الكبرى؛ السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية والأمنية إما دون إجابات أو بنصف اجابات، الأمر الذي ساهم في تعقيد الأسئلة والواقع معاً. الآن وبعد نجاح ثورة ديسمبر 2018م، بدأت البلاد تدخل مرحلة جديدة في تاريخها، وسنحت فرصة فريدة لإعادة كتابة التاريخ ورسم المستقبل معاً. وحركة المستقبل نريد لها أن تقود هذه المرحلة برؤية جديدة ومشروع وطني جديد يتجاوز أخطاء الماضي وعثراته ويؤسس لمستقبل واعد يحقق حلم كل سوداني في وطن موحد، آمن، نامي يسع الجميع.

فكرة ومنهج عمل الحزب :

يقوم الحزب على فكرة تؤمن بالمجتمع وتحترم قيمه وأعرافه وتوجهاته ومقاصده وتثق في خياراته. ولذلك يؤمن الحزب بأن مرجعياته (الإسلام، العلم، الحضارة الانسانية، المستقبل) لا تتجاهل الواقع ولا تصادر حق عضويته في الاجتهاد لمخاطبة تحديات مجتمعهم المتوقعة والماثلة، المرتبطة مباشرة بمعاشهم وحياتهم اليومية. بل يؤكد الحزب على أن مرجعياته تمكنه من التفاعل الايجابي مع واقع المجتمع وإيجاد حلول إبداعية لمشكلاته وتحدياته الآنية والمستقبلية. تعتبر مرجعيات الحزب ذات أبعاد كونية تجعلها تعلو وتسمو على ثقافة المجتمع وأعرافه المحلية الأمر الذي يؤهلها للاسهام في عملية الإرتقاء الانساني والمجتمعي، دون الدخول في صدام مع المجتمع وقيمه لأن هذه المرجعيات هي المصدر والنبع الأصل الذي يتشكل منها ــ نسبيا ــ المجتمع نفسه. اعتمد الحزب مبدأ البرامجية في منهجه العملي ليزيد من قوة ارتباط الحزب بالمجتمع وقضاياه، وتأكيداً لرفضه القاطع لأي مزايدات أيدولوجية ــ من اليسار أو اليمين ـــ في التعاطي مع الشأن العام والمجتمعي. فالبرامجية تقوم على تقديم قضايا المواطن والمجتمع وأولوياتهم على الأيدولوجية، والعمل على ترجمة الأيدولوجية لأفكار وحلول وبرامج تخدم قضايا المواطن والمجتمع الحياتية. وفكرة البرامجية تعني، تبني قضايا وطنية أساسية، ووضعها في أولويات ومن ثم تقديم رؤى وبرامج عملية و علمية واضحة لمخاطبتها بايجاد الحلول المناسبة لها. والبرامجية بذلك تسمح للحزب بالتميز في الرؤية والهوية والحلول الوطنية والفاعلية في العمل السياسي.
وقد سمى الحزب نفسه (حركة المستقبل للإصلاح والتنمية) ليس مصادفة ولكن لتقديرات هادفة نجدها في كل مفردة من مفردات اسمه. فحركة؛ وصف لطبيعة الحزب ويقصد بها الإشارة للأبعاد الاجتماعية والحركية له أي أنه جزء أصيل من مجتمعه ومعبراً عن قيمه وتوجهاته وليس وصياً عليه، بل ويسعى مجتهدا إلى تقديم نموذج لدولة تحترم مجتمعها وتعمل على مواجهة تحدياته وتحقيق طموحاته وتطلعاته كافة. والمستقبل؛ يشير إلى أفق الفكرة التي تتعلم من الماضي ولا تُحبس فيه، وتنظر بثقة وأمل كبير في المستقبل. والمجتمع هو المعني بصناعة مستقبله ويكون دور الحزب القيادة والتوجيه فقط. والإصلاح ؛ لدى الحزب فلسفة ومبدأ، فلسفياً يؤمن حزبنا بأن التغيير سنة كونية ومنهج الإصلاح يمثل الاستجابة المناسبة لتحقيقه تدرجا وليس كسحاً كما ترى بعض التيارات والأحزاب المتطرفة. والإصلاح مبدأ؛ حيث يؤكد الحزب على الإيمان التام بأن الاصلاح هو ما ينبغي أن يكون الناظم لكل توجهاته وبرامجه. ويقوم منهج الإصلاح لدينا على قاعدتين: القاعدة الأولى هي أن الإصلاح مسؤولية المجتمع وهو الذي يقوم به. والقاعدة الثانية تقول بضرورة قراءة الواقع وتحديد الفجوات ومن ثم تصميم التدخل المناسب لسد هذه الفجوات من خلال المنهج العلمي مع الالتزام الصارم بالقيم والمبادئ التي يتبناها الحزب. أما التنمية؛ فهي مفردة جامعة مانعة لكل زيادة وتطور وإرتقاء شامل لكافة مجالات حياة الانسان. والحزب يلتزم في قضية التنمية أن الإنسان⁩ غاية ووسيلة.

خارطة عمل الحزب :

الحزب يمثل تيار اجتماعي وحركة سياسية عريضة تجمع كافة مكونات المجتمع بكل خلفياته الثقافية والاجتماعية والسياسية دون تمييز أو إقصاء أو تهميش لأي مجموعة. وتفرض طبيعة الحزب بجانب السياق الزمني والظرفي أن يكون له نشاطاً مكثفاً ومتنوعاً وسط المجتمع بكافة قطاعاته وفئاته. وأدناه بعض المحددات العامة التي يلتزمها في أنشطته المختلفة ومن ثم يليها تفصيل للمحاور الأساسية مصحوبة بأهم موجهات كل محور :

المحددات العامة لعمل الحزب :التأكيد على حاكمية المرجعيات في كل أعمال وأنشطة الحزب.

إلتزام المنهج والخط الاصلاحي.

إلتزام البرامجية في العمل.

إيلاء المستقبل الوزن والإهتمام المناسب في خارطة عمل الحزب.

محاور العمل الأساسية للحزب :

العمل السياسي :

العمل السياسي للحزب وسيلة لخدمة المواطن، المجتمع والدولة. ويلتزم الحزب العمل السياسي الذي يُعلي من قيمة المواطن ويؤمن بوحدة المجتمع والدولة، ووحدة الهدف والمصير، وبالتالي وحدة القضايا ويتبنى النهج الإصلاحي والتعاوني مع كافة القوى السياسية والاجتماعية. ويدعو إلى قيادة أو دعم المبادرات الوطنية الداعية للتوافق والمصالحة الوطنية الشاملة وبناء قاعدة عريضة للسلام الاجتماعي المستدام الذي لا يستثني ولا يقصي أحداً لأي دواعي أيدولوجية أو سياسية أو إثنية أو دينية أو مناطقية، مع الأخذ في الاعتبار مكونات النسيج الاجتماعي. والسياسة في أدبيات الحزب هي فن إدارة الدولة ومصالحها وفق أسس تحفظ حقوق مواطنيها وتحترم معتقداتهم وقيمهم وأعرافهم، وتحقق لهم الرفاه.

العمل الثقافي و الإجتماعي :

الثقافة هي ذهن وعقل المجتمع ومكمن الاستهداف للإصلاح فيه. فالحزب يؤمن بضرورة تسخير كل أدوات الثقافة والمثقفين لتعزيز الايجابي من القيم والمعرفة وتغيير السالب منهما. يشجع الحزب كل أنواع وأشكال الفنون والآداب ويسعى لتعظيم دورها في ترقية معارف وسلوك المواطن والمجتمع. أما في قضايا الاجتماع فإن الحزب يعلي من قيمة الاجتماع والتعايش بين المواطنين، ويحترم تنوعهم وتعددهم، ويشجع على الاندماج والتعاون بين كافة مجموعاتهم بغض النظر عن أعراقهم، أديانهم، لغاتهم وألوانهم. ويتبنى الحزب سياسة تُعلي من أهمية المحافظة، الترقية والاستفادة من الأعراف المحلية التي أثبتت فعالية في تحقيق الأمن والاستقرار من خلال نجاحها في تنظيم كثير من احتياجات ومصالح مجتمعاتها. أما في جانب العمل الاجتماعي والتطوعي فإن الحزب يؤكد على أهميتهما وضرورتهما في تحقيق نقلة نوعية في تلبية الاحتياجات الضرورية للمجتمع.

العمل القطاعي والفئوي :

الطلاب والشباب والمرأة والمهنيين يجب أن يركزوا في أنشطتهم وبرامجهم على مخاطبة قضايا قطاعاتهم وفئاتهم واحتياجاتهم المباشرة والأساسية وإيلائها الأولوية وألا يخلطوا نشاطهم وسط مجموعاتهم بالأيدولوجيا أو السياسة البحتة بل يجب أن تكون نتائج وثمار أنشطتهم تصب طبيعياً في تعزيز مكانتهم وقيادتهم لمجموعاتهم وفي دعم الحزب وتوجهاته الأيدولوجية والسياسية لاحقا.

العمل الخدمي :

يؤكد الحزب على أن السياسة وسيلة والانسان غاية، و بناءاً على ذلك تظل مهمة توفير الخدمات الأساسية من صحة، تعليم، سكن، مياه، طرق، كهرباء، …الخ هي جوهر ما ينبغي التركيز عليه في عمل الحزب السياسي والخدمي. وتصبح بالتالي منظومة الحقوق الأساسية للانسان وأهداف التنمية المستدامة مصادر ومعايير لتوجيه نشاطنا في مناصرة قضايا المواطن وتحقيق تطلعاته في الحياة الكريمة.

خاتمة :

إن حركة المستقبل للإصلاح والتنمية، حزباً وطنياً يقوم على وعي سياسي متقدم، لا يدعي لنفسه كسباً زائفاً ولا تاريخاً مزيفا ولا يقتات من أفكار بالية أو يعتمد على قيادات هلامية. بل تأسس وتشكل الحزب على أيدي شباب مؤمن بمجتمعه، واثق بقدراته، محرر من كل عقد السياسة والثقافة والاجتماع التي عطلت إنطلاق بلادنا وجعلتها حبيسة أنظمة ونخب لم تستطع تجاوز حساسياتها وتوتراتها الشخصية والحزبية. حزبنا يركز على خدمة قضايا المجتمع الأساسية مسخراً رؤيته الفكرية والايدولوجية في خدمة المجتمع من خلال بذل الجهد الفكري المناسب لترجمتها وتنزيلها على واقعه القائم والمستجد بما يخاطب قضاياه ويلبي أشواقه في الحياة الكريمة والرفاه.

شعارات ومقولات نؤمن بها :لا قدسية للفكر والرأي أو القادة أو الحزب.

المجتمع السوداني معلم بالنسبة لنا ومنه نتعلم.

المجتمع السوداني مسؤول عن القيام بالإصلاح في داخله وصناعة المستقبل لنفسه ودولته.

تقديم الولاء الحزبي على الولاء للمجتمع جريمة.

كراهية الآخر تأتي خصماً على الحب والولاء للوطن.

التعليقات مغلقة.