حديث المدينة | عثمان ميرغني يكتب: صورة ولا أجمل..!
متابعات/ الرائد نت
أنظر إلى هذه الصورة البديعة..
(لهم قلوب لا يفقهون بها..
ولهم أعين لا يبصرون بها..
ولهم آذان لا يسمعون بها..) “الأعراف 179”
الأعضاء مكتملة، والوظائف معطلة تماماً..
قلوب لا تفقه! الإنسان يفقه و يفهم بقلبه.. وقد كتبت هنا الأسبوع الماضي أن تعبير “القلب” في القرءان يقصد به “نظام التشغيل” Operating System في الكمبيوتر..فإذا تعطل نظام التشغيل شُلت قدرة الإنسان على التفاعل وتعطلت قدرته على استقبال الإشارات الواردة وتحليلها ثم الرد بالإشارات المرسلة المناسبة.
والعين في الحقيقة هي كاميرا تلتقط الصورة وترسلها إلى العقل الذي يحللها ويفهم معنى الصورة ودلالاتها.. وحينما لا تبصر العين فالصورة التي تذهب إلى العقل لا تُترجم ولا تحلل ولا تضيف معلومة حتى ولو كانت بعدسة مقربة ومعدل تحديد عال High Definition HD ..
وكذلك الأذن..
هذا التصوير البليغ لحالة الشلل الإداركي عند الإنسان لا يُقصد به وضع مَرَضِي مستديم يصيب نظام التشغيل البشري ويعطل الحواس فيمنع تحليل البيانات الواردة. هي “حالة”، قد تستغرق ومضة، أو ثانية، أو دقيقة، أو ساعة، أو يوماً أو شهراً ، أو سنة أو حيناً من الدهر.. المهم التوصيف الدقيق هي “حالة” وليس عطلاً عضوياً..
( ومنهم من يستمعون إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه..) الانعام 6
( ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون) الأعراف 101
هذه الحالة الإدراكية الصفرية تحدث عندما يتراكم الخلل الغريزي فوق الوعي الإنساني، ويبلغ مرحلة السيطرة على قدرة الإدراك البشري في العمل الطبيعي.
“الخلل الغريزي” : الغريزة هي نقيض الوعي، منطقة الـ”لا” شعور عند الإنسان التي تسيطر على مسلكه العفوي..
الغريزة تُولد مع الإنسان بيضاء من غير سوء، على قول شاعرنا إسحق الحلنقي (انت يا الأبيض ضميرك صافي زي قلب الرضيع)..
ومع تراكم الأيام واستلهام النوايا بين الرغائب والمكاره يتشكل الـ”لا” شعور عند الإنسان..
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به..)
هواه: يعني (لا) شعوره.. نطقة الـ”لا” وعي التي تسيطر على المسلك العفوي.. مثل التي تراها عياناً بياناً عندما تقود سيارتك وفجأة يقفز أمامك في الشارع طفل صغير.. هنا يتوقف الوعي وينشط الـ”لا” وعي .. السلوك الغريزي العفوي، فتضغط على الفرامل بقوة وبدون تفكير..
الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر أن نقطة الـ”لا” وعي هذه هي أعلى مراتب المسلك الإنساني حينما يبلغها منسوب الإيمان.. عندها إذا قدم إليك أحدهم رشوة لن ترفضها بعد استعادة النصوص المقدسة التي تحرم الرشوة في عقلك، بل ترفضها بذات “الغريزة” التي ترفض بها “جيفة” إذا قدمت إليك في طبق لتأكلها.. رفض منبعه الـ”لا” وعي.. العفوي.. لا الكبح المنطقي العقلاني الواعي.
الحالة الإداركية الصفرية هي نتاج الخلل الغريزي، فيصبح نظلم التشغيل غير قادر على الاستيعاب “الفهم والتفاعل”، وتصبح الصورة في البصر، والموجات الأثيرية في السمع بلا معنى لأنها وإن التقطت الصورة أو الصوت الفيزيائي الصحيح لكن العقل يفشل في تحليلها واستيعاب الحقيقة والفهم السليم.
كيف تتجنب ذلك؟
بممارسة ترفيع الذات بترقية الفهم الإنساني، طُهر المقاصد يصلح المسالك.
التعليقات مغلقة.