إعلام الجيش السوداني وإعلام المليشيا .. نقاط الضعف والقوة.. يوسف عمارة أبوسن يكتب..
متابعات/ الرائد نت
آلة الدعاية والحرب النفسية التي أطلقتها مليشيا الدعم السريع منذ اليوم الأول للتمرد ، لا يمكن مقارنتها بالإعلام العسكري للقوات المسلحة ، فالفروقات كبيرة بين المؤسسة والمليشيا ، فروقات توضح هوية من بدأ هذه الحرب ؟ وكيف أستعد لها بعكس ما تم الترويج له مبكرا بأن الجيش باغت المليشيا وضرب معسكراتها ، فالفرق يكمن في الجاهزية والتمويل ، فإنقلاب 15 أبريل كان رأس رمحه الإعلام وبشكل خاص الإعلام الإجتماعي ، وهناك عمل كبير تم من جانب المليشيا في هذا الجانب ، لا يمكن تطبيقه أو مقارنته مع الإعلام العسكري الرسمي ، الذي لديه عنصر تمويل محدود وآليات عمل جامدة وغير مرنة .
هناك ست نقاط يمكن عبرها قياس ومقارنة الآليات ومناهج العمل بين الإعلام العسكري وإعلام المليشيا وهي :
١/الإعلام الحربي الميداني ، فقد عملت المليشيا على تصوير أي إنجاز عسكري عبر مراسلين حربيين ينقلون كل تفاصيل العمل العسكري والعملياتي وكل تحركات المليشيا مهما كان حجمها ، وهذا ما لم يتوفر للقوات المسلحة والتي توقف لديها عمل المراسلين الحربيين مع توقف برنامج في ساحات الفداء لإعتبارات سياسية وأخرى فنية تتعلق بنوعية الكادر الذي يمكنه تنفيذ هذه المهام .
٢/وسائل التواصل الإجتماعي ، وهذه حشدت لها المليشيا أكثر من 100 ألف حساب على مواقع فيسبوك وتويتر بالإضافة لصفحات ذات وصول عالي غير الصفحات الرسمية للمليشيا ، وهو الجانب الذي أهمله الجيش وأعتمد فقط على الصفحة الرسمية ، ومن أسباب ذلك ضعف التمويل وغياب روح المبادرة ، فقد وظفت المليشيا كثير من الناشطين في الترويج لدعايتها هذا غير التعاقدات مع شركات العلاقات العامة الأجنبية والترويج المدفوع للمحتوى التابع للمليشيا رغم أن شركة ميتا المالكة لفيسبوك قد أغلقت أكثر من 50 ألف حساب فيسبوك تعمل لصالح المليشيا في التضليل الإعلامي وتوجيه الرأي العام.
٣/الشائعات والتزييف ، وهذا أعتمد بشكل أساسي على تزوير الخطابات والمواقف الرسمية ونشر وإنتاج الأخبار والمعلومات المضللة والصور الزائفة للتأثير على الرأي العام ، وتدعيم الرواية الرسمية للمليشيا عن الحرب ، وهو ما لم يتمكن الإعلام العسكري من تسجيل أهداف فيه رغم أن قسمي (الحرب النفسية والاستخبارات المضادة) يمكنهما إنتاج عمل مضاد وترياق يكسبهما عنصر المبادرة في مواجهة تلك الهجمات لكنهم أكتفوا بموقف رد الفعل إضافة لحراك إعلامي ضعيف بعضه فردي وغير مدروس خصم لم يضف للجهد الإعلامي العسكري الرسمي ، وهذا سببه غياب التنسيق بين أجهزة جمع المعلومات والجهات الإعلامية التي يجب أن تعالجها وتنتج منها فعلا يؤثر ويوجه الرأي العام .
٤/التصوير مع الأسرى وهو عنصر من عناصر الحرب النفسية أستخدمته المليشيا بكثافة فأضعف من التماسك النفسي للرأي العام المساند للجيش وكذلك تماسك القوات المقاتلة ، وقد تم في هذا الجانب إستخدام معتقلين مدنيين وأسرى من الأسلحة الفنية تم نشر إفاداتهم تزامنا مع عمليات لم يحدث فيها تقدم للمليشيا ولا إنتصار ، كذلك أعادت المليشيا تصوير معتقلين على أنهم أسرى لمعارك حدثت في مناطق غير التي كانوا فيها ، بالمقابل لم يعمل الجيش بهذا العنصر إلا في نطاق محدود وبشكل غير رسمي في مقابل المليشيا التي ليس لديها سقف أخلاقي ولا مسؤولية سياسية أو مجتمعية .
٥/استخدام الإصطفاف السياسي الداخلي والخارجي ، وقد تم ذلك عبر توظيف الإعلاميين والسياسيين المصطفين مع الدعم السريع والحرية والتغيير في مواجهة الجيش (المحسوب على النظام السابق) ، كذلك في الإعلام الخارجي جندت المليشيا عدد كبير من مراسلي الفضائيات العربية والمحللين المحسوبين على (مركزي قحت) لتصدير موقفها ودعايتها ومن ثم روايتها عن الحرب بأنها بين قوات المليشيا والنظام البائد وأن المليشيا تهدف لجلب الديمقراطية والحكم المدني ، هذا غير التغاضي عن تجاوزات وإنتهاكات المليشيا بحق المواطنين ، وما نفذته من إبادة جماعية وقتل على الهوية بولاية غرب دارفور ، بالمقابل فإن الجيش السوداني رغم أنه لا يمتلك حاضنة سياسية لكنه تمتع بعنصر (الإعلام الشعبي المساند) والذي أحتشد فيه ناشطين من كافة الوان الطيف السياسي وتمكن من ترجيح كفة التغطية في مواجهة الآلة الإعلامية المدفوعة للمليشيا ، كما فضَح ما تمارسه المليشيا من إنتهاكات وأفحم الرواية المقابلة والتي توارى مروجيها خجلا مع فداحة ما تمارسه المليشيا من عنف ممنهج لا يمكن تبريره .
٦/القاعدة المجتمعية ، فرغم جوانب التقصير والإمداد بالمعلومات إلا أن كافة السودانيين لديهم قناعة راسخة بأنه لا بديل للقوات المسلحة إلا القوات المسلحة ، ومهما واجهتها من تحديات فإن الموقف من دعمها يعد موقفا مبدئيا داعما لوجود الدولة في مواجهة المليشيا الهمجية الساعية لمبدأ اللا دولة ، لذلك أتجهت المليشيا لإنتاج إصطفاف قبلي وإثني مقابل، يسعى لتصنيف السودانيين لأنصار للجيش على أساس دولتي وسياسي وأنصار للمليشيا على أساس عرقي وقبائلي عابر لحدود السودان ، وهو منهج فاسد وعاجز جاء بعد العزل السياسي لمنظومة قحت المساندة للمليشيا بسبب مواقفها المنحازة ضد مصالح الشعب السوداني بدعوى الحياد السياسي وتغاضيها عن أفعال المليشيا وتجنبها إصدار أي إدانة صريحة للمليشيا .
التعليقات مغلقة.